رب ضارة نافعة. فلو لم يزر أحمدي نجاد، قبل أيام، جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة، في موقف استفزازي غير مستغرب على السياسة الإيرانية، لما شهدنا خطاباً خليجياً جديداً أكثر جرأة في طرحه للخطر الإيراني. دول مجلس التعاون الخليجي تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية تجاه خطابنا الإعلامي المتباين في ردات فعله تجاه استفزازات إيران. من قال إن مقالا في صفحة رأي بصحيفة خليجية إنما يمثل موقفاً سياسياً للدولة التي تصدر منها الجريدة؟ فيما الساسة الإيرانيون يمررون عبر «كاهان» وغيرها رسائلهم الاستفزازية ثم يعلقون «إن كاهان لا تمثل الموقف الرسمي الإيراني»، كانت الصحافة الخليجية لوقت طويل تتحاشى النقد المباشر لسياسات إيران الاستفزازية في المنطقة. اليوم انكشفت اللعبة الإيرانية، من إطلاق النار على المتظاهرين في سوريا، إلى تسليح الحوثيين في اليمن، ومن إثارة الفتن الطائفية في الخليج إلى زيارة أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى. اليوم لم يعد التعاطي مع الغطرسة الإيرانية ب»الديبلوماسية» الهادئة تجدي. وأصحاب الرأي، من محللين وكتاب رأي، لا يمثلون موقفاً رسمياً لبلدانهم. ولهذا تأتي صناعة خطاب إعلامي خليجي – بلغة أكثر مباشرة ومواجهة – ضد الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية وضد ألاعيب إيران الخطيرة في المنطقة ضرورة ملحة من الخطأ تأخيرها. اتركوا الإعلام الخليجي يكشف المزيد عن الداخل الإيراني وحينما تحتج الخارجية الإيرانية جاوبوها بنفس الطريقة: «كاهان لا تمثل موقفكم الرسمي والصحافة عندنا لا تمثل بالضرورة موقفنا الرسمي»! الخطاب الإيراني – خصوصاً تجاه الجزر الإماراتية المحتلة – يوحي بأن دول مجلس التعاون تتحاشى فتح ملف الجزر المحتلة علناً خوفاً من أي مداراة لطهران. والأخطر إن تغييب قضية الجزر المحتلة من الخطاب الإعلامي الخليجي يقلل من شأن القضية في الوعي العام خصوصاً عند قطاع كبير من شباب المنطقة.الإعلام – كما يقال – نصف المعركة. لكنه في مواجهة الغطرسة الإيرانية قد يُشكل أكثر من نصف المعركة!