مع قدوم الصيف، ارتفعت سخونة الأجواء السياسة في اسبانيا، وذلك بعد إعلان رئيس الفرع الباسكي للحزب الاشتراكي الحاكم باتشي لوبيث عزمه على لقاء ممثلي حزب"هيرري باتاسونا"الجناح السياسي لمنظمة"ايتا"الباسكية، ما اثار جدلاً كون هذا الحزب محظوراً ومنحلاً بحكم قضائي لعلاقته بالإرهاب. يأتي ذلك في وقت تعتقد أوساط الحزب الشعبي المعارض وجمعيات ضحايا الإرهاب، ان رئيس الحكومة الاشتراكي خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو ماض في خطته الحوار من اجل السلام مع"ايتا"، قبل إرساء قواعد رئيسية لإرضاء الذين عانوا من"ابتزاز"المنظمة و"إرهابها"على مدى اكثر من ثلاثين عاماً. ويعتقد بأن ثاباتيرو سيستغل فرصة الصيف لتمرير جلسات الحوار كي لا يقع في تعقيدات يطرحها المتمسكون بضرورة اعلان"ايتا"نبذها الارهاب وتخليها عن سلاحها قبل الدخول في حوار معها. ويبدو ان مسيرة السلام ستكون طويلة وصعبة وقاسية، لكن ايضاً معقدة، فالتناقضات في تصريحات رئيس الوزراء والتشدد في موقف معارضي"السلام بأي ثمن"، بدأت بإعطاء العملية السلمية دافعاً جديداً ووجهة مختلفة. ويذكر البعض بقول ثاباتيرو سابقاً:"لن نتحاور سياسياً مع ايتا، السلام قبل الحوار، ولن ندفع ثمناً سياسياً للأمن"، ثم تراجعه عن مواقفه بالقول ان"الحوار ممكن قبل التوصل الى السلام"، ليخلصوا الى انه"يتخذ اليوم قراراً يهمل حكماً قضائياً واتفاقين"، بحسب مصادر الحزب الشعبي المرتبط مع الحكومة بمعاهدة وفاق ضد الارهاب، هدد بالخروج منها اذا باشر الاشتراكيون التفاوض مع"غير الشرعيين" قبل ادانتهم الارهاب وشجبهم للعنف وإلقائهم السلاح. لكن ثاباتيرو الذي ينضوي الاشتراكيون الباسكيون تحت لواء حزبه، دعم خطوة لوبيث غير المحددة، وبررها بأنها لمطالبة"باتاسونا"بالالتحاق بركب الديموقراطية والشرعية، ثم قال ان جلسة نيابية ستُعلن بدء الحوار قبل نهاية الشهر الجاري. وكان ثاباتيرو يقول ان لا مفاوضات مع حزب"باتاسونا"قبل تشريعه، لكن يبدو ان هذا الحزب بدأ بوضع نظامه الاساسي ل"يتشرعن"في الصيف، فيما بدأت المحكمة الدستورية تعد المجتمع نفسياً لذلك، فرفعت الإدانة عن الذين يجتمعون"بالإرهابيين". ولا شك في ان ثاباتيرو"سيواجه تعقيدات الحوار بمفرده او بمعنى آخر انه سيفقد الإجماع البرلماني اللازم لقضايا الأمن، والدعم الشعبي المفروض. فالرأي العام الاشتراكي وقادة تاريخيون فيه مثل فيليبي غونثاليث لا يوافقون على هذه الخطوة. في الوقت ذاته، لا تزال عقلية مسؤولي حزب"باتاسونا"بعيدة عن الفكر الديموقراطي، اذ هددوا اخيراً بالعودة الى العنف اذا ما اعتقلت المحكمة رفاقهم، متجاهلين مبدأ استقلالية القضاء. وعندما لم تُتخذ إجراءات ولو احترازية بحقهم، قالوا ان"الحكومة الاسبانية برهنت عن رغبة ببدء مرحلة جديدة لحلحلة الأمور". هذا يقلق شريحة مهمة في المجتمع الاسباني تعتقد ان منطق الراديكاليين ما زال خاطئاً وانهم سيعودون الى الارهاب في حال عدم تلبية شروطهم. وترفض مقولة ثاباتيرو ان التفاوض بين الأحزاب ممكن بالتوازي مع الحوار مع"ايتا". وعلى الجانب الآخر من الحدود، لا تزال الشرطة الفرنسية تعتقل مسؤولين فاعلين في"ايتا"زعيمين مهمين يوم الجمعة الماضي، مؤكدة ان اعضاء هذه المنظمة"نفذوا عملية إعادة انتشار لكنهم يحتفظون ببنيتهم التحتية الإرهابية فاعلة".