دانيال بايبس ينتصر لإسرائيل يوماً على رغم جرائمها ضد النساء والأطفال وبنات المدارس، ويهاجم العرب والمسلمين يوماً آخر، أو يحاول إرهاب الأساتذة في دراسات الشرق الأوسط في الجامعات الأميركية للسكوت عن اسرائيل، وهو يجمع كل تحامله وعنصريته وتطرفه في آخر مشروع له وهو"مراقبة الإسلاميين". الموقع الإلكتروني لمنتدى الشرق الأوسط الذي يترأسه ضم هذا الشهر إعلاناً عن وظيفة جديدة هي مدير"مراقبة الإسلاميين"، وهذا مشروع يقول الموقع عنه انه يهدف الى"مقاومة أفكار ومؤسسات الإسلام الراديكالي غير العنيف في الولاياتالمتحدة والبلدان الغربية الأخرى، ويكشف الأهداف البعيدة المدى للإسلاميين، ويعمل للحد من نفوذهم، ويحاول تعزيز المسلمين المعتدلين". وهكذا لم يبق لنا سوى ان يحدد هذا اليهودي الأميركي"الكديمي"المتطرف من هو مسلم، ومن هو إسلامي، أو مسلم راديكالي، ومن هو مسلم معتدل. ما يريد بايبس لا يغطيه أي كلام منمق فهو يريد نشر حملة كره جديدة ضد المسلمين في الغرب. منتدى الشرق الأوسط يحذر من خطر"الأسلحة القانونية"بمعنى التي تلتزم القانون، ويراها خطراً لأن الإسلاميين"يسعون الى فرض سيطرتهم عبر خلافة عالمية تعمل بالشرع"، وقد كانت افغانستان تحت حكم طالبان نموذجاً لما سينشئ الإسلاميون عالمياً. هذه بذاءة، وبايبس يفترض ان كل الدول الإسلامية، او كل المسلمين، نموذج واحد، ثم يستخدم أسوأ مثل ليعممه على الجميع، وهذا مثل ان يقول عربي أو مسلم ان جميع يهود العالم من نوع الحكومة الإسرائيلية فينسب إليهم التطرف وقتل الأطفال، وهو لو فعل لتجاوز غالبية يهودية مسالمة حول العالم، ولمارس العنصرية نفسها التي يمارسها بايبس ضد المسلمين. بايبس يقول إن الإسلاميين الذين لا يمارسون العنف يمثلون تهديداً، وذلك ان"الإرهاب أحد أساليب تحقيق أهدافهم، إلا انه ليس الأسلوب الوحيد. وربما ثبت في النهاية ان نشاط الإسلاميين من دون عنف اكثر فعالية". وهو يضيف ان الجمهور يفهم خطر الإرهاب، ويمكن ان يعبأ ضده، وهناك أجهزة من استخبارات وعسكر ونظام قانوني للعمل ضد الإرهاب، غير ان المتطرفين الذين لا يخالفون القانون لا يخيفون أحداً، ومن هنا خطرهم. كيف يروّج الإسلاميون القانونيون لهدفهم؟ يقول المنتدى انهم يفعلون عبر جهد لوبي مع السياسيين، وبإرهاب الميديا، والعمل لصدور قوانين جديدة، والتأثير في محتوى الكتب المدرسية، وبكلام آخر استغلال حريات مجتمع مفتوح". بايبس يعطي أمثلة كثيرة على خطوات غير المسلمين لاسترضاء المسلمين، مثل بيع أراضٍ بأسعار مخفضة لبناء مساجد ومؤسسات اسلامية، ومنع استخدام حصالة نقود على شكل خنزير، وإرغام المجندات الأميركيات في المملكة العربية السعودية على ارتداء عباءات، وقبول تعدد الزوجات لأسباب ضريبية في بريطانيا، واستخدام المدارس العامة والميديا لجعل غير المسلمين يعتنقون الإسلام، والفصل بين الرجال والنساء في المسابح. ما أذكر من قصة حصالات النقود على شكل خنزير ان حزب العمال وزع ملصقات تظهر رئيس حزب العمال في حينه مايكل هوارد ووزير خزانة الظل اوليفر ليتوين، على شكل خنزيرين طائرين. وقامت احتجاجات لأن الرجلين من اليهود وسحبت الملصقات، بكلام آخر، الاعتراض على استعمال الخنازير ليس وقفاً على المسلمين. "مراقبة الإسلاميين"تقترح عنصرين لمقاوم الأسلحة القانونية: الأول توسيع"الحرب على الإرهاب"من الأعداء الذين يمارسون العنف الى الأعداء السياسيين"ويجب ان يفهم ان الحرب تشمل الأكاديميا، وأبحاث دور الفكر، والكتب المدرسية، والنشاط في حرم الجامعات والميديا وعلاقات الصحافة والأعمال الخيرية وقرارات البزنس واللوبي السياسي والقضايا القانونية وألعاب الكومبيوتر وكثيراً غيرها". بايبس يرسم صورة"أخ اكبر"، يلعب هو دوره يسيطر على كل شيء لمصلحة اسرائيل، فالأفكار هنا لا تختلف عن الأهداف التي يسعى إليها من"مراقبة الحرم الجامعي"، وإنما هي اوسع لتشمل المسلمين في كل مكان، لا مجرد عدد من الأساتذة وبعض المتعاطفين معهم. الثاني هو"تحديد وتشجيع عمل مسلمين معتدلين حقيقيين يستطيعون بالعمل مع غير المسلمين خفض نفوذ الإسلاميين". وأتحدث عن نفسي فقط فأقول انني سأطلع من الأمة كلها اذا هبطنا الى درك ان يقرر امثال بايبس من هو المسلم الصالح أو الطالح. ويمتدح بايبس لسبب غير مفهوم نشاط الصحافي مظهر محمود الذي يعمل لجريدة تابلويد اسبوعية لندنية، واختصاصه ان يتنكر كأمير عربي أو شيخ نفط للإيقاع بضحاياه السذج. وهو حاول اخيراً مع النائب جورج غالواي وفشل وافتضح، فلعل إعجاب بايبس مرده هذه المحاولة، بالنظر الى موقف غالواي العنيف ضد اسرائيل ومع الفلسطينيين، وضد الحرب في العراق، وهو يستخدم امثلة كثيرة اخرى يضيق عنها المجال هنا، فلا أقول سوى انها تعكس معرفته الواسعة بالموضوع مع نشاط مستمر من دون توقف أو ملل أو كلل. ويصر بايبس على ان يجرى النشاط ضد الإسلاميين خارج الحكومة، لأن الحكومات عليها التزامات تجعل من الصعب ان تفعل الحكومة ما يجب فعله، او تصرح به"والحكومات لها سجل في سوء التقدير والترحيب بالإسلاميين". أصر على ان المستهدف بحملات بايبس منذ بدأت أتابع نجاسته هم المسلمون لا الإسلاميين، او الراديكاليين، أو ما شاء القارئ من أسماء، فهذا العنصري نصّب نفسه خصماً وحكماً في تصنيف المسلمين، بما يناسب تطرفه وإسرائيل، فهو إسرائيلي أولاً وأخيراً. وأكمل غداً.