سأعود الى القراء قريباً بعرض كتاب جديد عنوانه"لعبة الشيطان: كيف ساعدت الولاياتالمتحدة على إطلاق الإسلام الأصولي"من تأليف روبرت دريفوس. وعندما أفعل سأزيد قصصاً من تجربتي الشخصية، ومن معلومات سأسجل مصادرها، عن تعاون الولاياتالمتحدة مع المنظمات الأصولية التي ارتدت عليها ومارست الارهاب، وهو تعاون سبق أي تعاون آخر، من أي بلد. أعرف دريفوس مما أقرأ له في مطبوعة"ذي نيشن"وغيرها من وسائل الاعلام الليبرالية، وهو خبير في شؤون الأمن الاميركي، وكان ما كتب عن قضية لاري فرانكلن، المتهم بالتجسس لاسرائيل، وتعامله مع مسؤولين في ايباك هما ستيفن روزين وكيث وايزمان، بين أفضل ما كتب عن الموضوع. وقد سجل دريفوس ان اهتمام مكتب التحقيق الفيدرالي بالموضوع بدأ قبل ست سنوات كاملة، وسُجلت مكالمات وتوبعت اجتماعات بين أشخاص آخرين، لا الثلاثة المتهمين فقط. وأهم من ذلك ان التحقيق كان موضوعه ايباك لا فرانكلن، فقد روقب عميلا اللوبي منذ 1999، وقرارا الاتهام، واحد بحق فرانكلن وواحد بحقهما يشيران الى عملاء آخرين، رقم واحد ورقم 2 وغير ذلك. دريفوس يقدم رواية مقنعة عن أسماء محتملة للعملاء الآخرين، وكلهم من المحافظين الجدد الذين عملوا في وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي، ودفعوا"بلادهم"الى حرب على العراق قتل فيها ألفا شاب أميركي وشابة مع عشرات ألوف العراقيين. قرارا الاتهام يتحدثان ايضاً عن عملاء دولة أجنبية، من الواضح انها اسرائيل، وسنرى إن كانت العصابة الليكودية ستهزم أجهزة الأمن الأميركية والقضاء مرة اخرى. اليوم عندي من كل واد عصا: - لاحظت ان بين أول نشاطات السفير الأميركي الجديد لدى الأممالمتحدة جون بولتون احتجاجه على تمويل"غير لائق وغير مقبول"لدعايات فلسطينية رافقت الانسحاب الاسرائيلي من غزة. ويبدو انه رفعت لافتات تحمل شعار برنامج التنمية الدولي، تقول"اليوم غزة. غداً الضفة الغربية والقدس". أقول إن شاء الله، وأزيد ان ما ليس مقبولاً وما ليس لائقاً ان يمثل الولاياتالمتحدة لدى المنظمة العالمية متطرف ليكودي يعمل لمصلحة اسرائيل قبل كل مصلحة اخرى. وكما يعرف القارئ، فالضفة الغربية والقدس العربية جزء من الارض الفلسطينية التي ستقوم عليها الدولة المستقلة اذا قامت. وهذا موجود في نصوص واضحة في قرارات عدة للأمم المتحدة. غير ان بولتون في الاممالمتحدة ليؤيد المتطرفين الاسرائيليين، لا ليساعد المجموعة العالمية في عملها. على الأقل بولتون مخلص لتطرفه الاسرائيلي ولم يفاجئني. - أفضل من بولتون ألف مرة حتى لا تجوز المقارنة، المايسترو اليهودي العالمي دانيال بارنبويم الذي يعمل للسلام فعلاً بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ويجمع الصغار من الجانبين من طريق الموسيقى بعدما أسس مع البروفسور ادوارد سعيد، رحمه الله، الديوان الغربي والشرقي. وقرأت قبل أيام مقابلة صحافية أجرتها جريدة لندنية مع بارنبويم قال فيها:"ان اسرائيل لن تصبح حرة وآمنة، حتى يصبح الفلسطينيون أحراراً وآمنين". وأزيد من عندي:"وحتى يُرسل بولتون وأمثاله الى غوانتانامو للتحقيق معهم في تهم جرائم حرب محتملة من العراق الى فلسطين وبالعكس". - هناك متطرفون من اليهود في اسرائيل والولاياتالمتحدة يحاولون باستمرار الايقاع بين الكنيسة الكاثوليكية ويهود العالم، مع خلفية صمت الفاتيكان عن النازية في الثلاثينات على رغم اصدار البابا بيوس الحادي عشر وثيقة كنسية سنة 1937 تدين العنصرية والاضطهاد، كتبها وزير خارجية الفاتيكان الذي خلفه باسم بيوس الثاني عشر. لن أدخل في جدل لا يمكن حسمه، ولكن أرحب بتعهد البابا بندكت السادس عشر لليهود في المانيا بالعمل بنشاط لمكافحة اللاسامية. مثل هذا النشاط مطلوب دائماً، ولعل رجال الدين المسلمين ينشطون فيه مثل البابا، على رغم دسائس وأحقاد أقلية متطرفة جعلت من المحرقة صناعة وتجارة، مع انها لا تمثل يهود اسرائيل أو العالم الذين يؤيدون في كل استطلاع السلام بين الشعوب. - من المتطرفين الذين أحتقر فكرهم دانيال بايبس، وهو أميركي ليكودي يكتب أحقاده وتحامله وتطرفه، لذلك فوجئت ان أجد بعد سنوات من متابعته انه كتب مقالاً أوافق عليه. ولا أدري اذا كانت هذه المرة الأولى ستكون الاخيرة. هو كتب تحت العنوان"لماذا يؤذي العنف الإسلام الراديكالي". وقال ان الارهاب يحشد الغربيين في مواجهته، وانه يعرقل عمل الجماعات الاسلامية السياسية. المتطرفون آذوا المسلمين جميعاً، وقد بدأ التأييد لهم ينحسر بوضوح، مما يعني ان نهايتهم قريبة. - أرجو ان نرى نهاية كل المتطرفين، بمن فيهم الاعتذاريون لحكومة مجرم الحرب أرييل شارون في الادارة الاميركية وحولها الذين لم يكتفوا بالدمار في فلسطينوالعراق، وانما يحاولون الآن دفع ادارة بوش نحو مواجهة مع ايران، بسبب برنامجها النووي. وكان المتطرفون الآخرون اعتقدوا انهم وجدوا الدليل ضد ايران بعد اكتشاف يورانيوم من المستوى المطلوب لانتاج قنبلة نووية. غير ان محققين دوليين، بينهم أميركيون يعملون لحكومتهم، أكدوا ان الآثار المكتشفة سببها معدات ملوثة باكستانية المصدر. لا يعني هذا ان عصابة الشر ستتوقف عن محاولة إذكاء نار حرب جديدة في الشرق الأوسط، بل هي ستبحث عن أسباب أخرى، وستخترع أسباباً كاذبة إن لم تجد أسباباً حقيقية. المتطرفون من الجانبين يبررون وجود أحدهم الآخر، والغالبية تدفع الثمن.