يحلو لصديقي عامر أن يعبر دوماً عن ارتياحه الى كونه رجلاً، معللاً ذلك بسلسلة أسباب، بدا لي بعضها مريحاً فعلاً، وبعضها طريفاً، والبعض الآخر مضحكاً، إلا أنني لم أتمكن من إقناع نفسي بوجهة نظره، خصوصاً انها أحياناً تتحدث عن شخص معزول لا علاقة له بما يدور حوله. لكن عامر يلخص أسبابه بالتالي:"المكالمة الهاتفية تنتهي في 30 ثانية. تستحم وتكون جاهزاً للخروج في 10 دقائق. رحلة لخمسة أيام تحتاج حقيبة واحدة فقط. الأصدقاء لا يهتمّون اذا ازداد وزنك أو نقص. الحلاّقون لا يستطيعون سرقتك"عينك عينك". عند تقليب المحطات على التلفاز لا داعي للوقوف عند كل لقطة فيها واحد عم يبكي. تستطيع الذهاب إلى الحمّامات العامّة من دون فرقة دعم أو مرافقة. الكنية اسم العائلة يبقى نفسه مدى الحياة. تستطيع ترك غرفة الفندق من دون الحاجة الى ترتيبها. تستطيع أن تسهر لأي وقت خارج المنزل. إذا نسي أحد اصدقائك دعوتك الى مناسبة ما لن يتسبب ذلك في تدمير صداقتكما. ثلاثة أزواج من الأحذية هي أكثر من اللاّزم. مزاج واحد في كل الأوقات. الريموت كونترول لك ولك وحدك. اذا مضى وقت طويل ولم تتصل برفيقك لن يتهمك بأنك"تغيرت". إذا كنت في حفلة وظهر أحدهم بملابس كملابسك، يمكن أن تصبحا من أعزّ الأصدقاء. لديك الحريّة المطلقة في أن تربّي شارباً أو لا"! هذه أسباب صديقي عامر الذي راح يروج لها بين الشلة ويرسلها في"الإيميل"للجميع. أما أنا، فأجد أسباباً عدة، تقلقني أحياناً، وتجعلني أحسد إناث العالم على دلالهن، فأجدني أقول لعامر: بما أنك شاب يا عزيزي، ومن منطلق الرجولة، فإنك ستضطر لأن تدفع عن كل فتاة تجالسك في أحد المقاهي، وطبعاً طلبها لن يقتصر على قهوة فقط، ولكونها"بنت عائلة"مرفهة لن تطلب أقل من عصير، وطبعاً ولأنها"شبعانة ومش بعينها"فهي ستكتفي برشفتين فقط، وأنت ستبقى تنظر طوال الجلسة إلى الكأس بألم وحسرة وقليل من الندم. أما الإشكال الثاني يا صديقي، والذي نعاني منه كثيراً هذه الأيام، فهو طابور العمل. فمكاتب التوظيف في مختلف الشركات والمؤسسات تتسع لمئات طلبات التوظيف للشباب، لكنه من النادر أن يوجد طلب لفتاة لايدز فيرست، وكما ترى وتقرأ في الكثير من الصحف التي تعلن عن وظائف شاغرة، فالموضة في أيامنا هذه أن يعلن عن طلب آنسات للعمل، والأنكى من هذا وذاك أن بعض تلك الإعلانات تضيف كلمة"سبور"للإعلان، لماذا برأيك؟. إنه ولكي تكون رجلاً طبيعياً في نظر الآخرين، يجب عليك أن تتزوج، وطبعاً فإن فترة الخطوبة تعتبر فترة إفلاس،"هدية رايحة وهدية جاية"، ونظرات حماة المستقبل لا تبشر بخير إن كانت الهدية"مش بالمقام". وعندما يقترب العرس وتعتقد أنت أن كابوس الحماة انتهى، تبدأ قائمة جديدة من الطلبات، من صالة أفراح، إلى عدد من المعازيم ل"تفرح بابنتها". وفي النهاية تجد نفسك يا صديقي موظفاً مزدوجاً. وسيأتي الوقت الذي تترحم فيه على أيام العزوبية، وفي الحقيقة يا أخي فإنك تلعن في داخلك اليوم الذي ولدت فيه ذكراً، وستحسد زوجتك على أنوثتها. ولا أنسى يا صديقي أنك وإن مرت ساعة دون أن تقول لها كلمة غزل، أو أكلت وجبة من تحضيرها، ولم تشكر أناملها التي - تحول الرصاص ذهباً - فإن يومك سيمر أسود. في هذه الأيام يا أخي وتحت شعار مساواة المرأة بالرجل، انقلبت الادوار وصرنا نحن من يجب أن يطالب بالمساواة معهن، فلا تذهب بعيداً بكونك رجلاً!