عادت "سحب" حرب الغاز تتجمع في الأجواء الروسية الأوكرانية، بعدما أطلقت الزعيمة الليبرالية في كييف يوليا تيموتشينكو التي تستعد لرئاسة الوزراء في بلادها، تصريحات نارية أثارت موجة غضب في موسكو وقلق في أوروبا. ولم يكد يمر يومان على توصل أقطاب"الثورة البرتقالية"الى اتفاق لتشكيل تحالف جديد يعيد تيموشينكو الى رئاسة الوزراء، حتى كشفت السياسية الأوكرانية الموالية للغرب والمعروفة بعدائها لروسيا عن أولى نياتها لدى تولي منصبها رسمياً، اذ اعلنت ضرورة"مراجعة اتفاق إمداد الغاز الطبيعي"الى أوكرانيا ومنها الى أوروبا، معتبرة انه"كان ظالماً بالنسبة الى كييف". ومعلوم ان الطرفين الروسي والأوكراني توصلا بصعوبة الى اتفاق بعد أزمة حادة أطلق عليها المراقبون تسمية"حرب الغاز"في نهاية العام الماضي، وأثارت قلقاً دولياً بعدما هددت بقطع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي عن أوروبا. استياء روسي وتسارعت ردود الفعل الغاضبة في روسيا أمس، على تصريحات"أميرة الغاز"بحسب التسمية التي أطلقتها وسائل إعلام أوكرانية على تيموتشينكو، اذ شدد وزير الطاقة الروسي على ان الاتفاق الموقع غير خاضع لأي مراجعات او تعديلات طيلة مدته المحددة بخمس سنوات، وانتقد بحدة"مزاجية"السياسيين الأوكرانيين في التعامل مع ملفات حيوية. من جهته، حذر"عملاق"الغاز الطبيعي الروسي"غاز بروم"، الشركة التي وقعت الاتفاق مع الأوكرانيين من نتائج"سلبية جداً"قد تلحقها سياسة كييف بالصادرات الروسية من الغاز الى أوروبا. وقال الناطق باسم الشركة سيرغي كوبريانوف ان تصريحات تيموتشينكو"إنذار جديد لأوروبا التي ستكون أول المتضررين بسبب السياسة الأوكرانية"التي وصفها بأنها باتت"مشكلة جدية مشتركة، لروسيا والدول الأوروبية". ومعلوم ان الغاز الطبيعي الروسي يمر عبر الأراضي الأوكرانية ليصل الى أوروبا التي تستورد زهاء ثلث حاجتها من روسيا ما يفسر القلق الأوروبي المتزايد بسبب ما يوصف بانه"عدم استقرار إمداد الغاز من روسيا"، الأمر الذي دعا الأوروبيين الى مناقشة ملف أمن الطاقة بنشاط خلال الفترة الأخيرة. وفي كييف، أعرب مسؤولون حكوميون عن قناعتهم بضرورة"تقليص الاعتماد الأوكراني على روسيا في مجال الغاز"، واعتبروا ذلك"الطريق الأمثل لتجنب ضغوط سياسية روسية جديدة". وأعلن في العاصمة الأوكرانية عن زيارة سيقوم بها الأسبوع المقبل، وزير الطاقة ايفان بلاتشوف الى تركمانيا للبحث في إمكان تصدير الغاز التركماني مباشرة الى أوكرانيا. واعتبرت أوساط قريبة من تيموتشينكو ان هذا الحل يوفر"التحرر من التبعية لروسيا عبر تحقيق توازن تدخل فيه تركمانيا طرفاً أساسياً في تصدير الغاز الى أوكرانيا. ...وتوتر مع جورجيا في غضون ذلك، شهدت علاقات موسكو مع جمهورية سوفياتية سابقة أخرى هي جورجيا توتراً جديداً بعد فشل القمة بين الرئيسين الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي والروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، في تقريب وجهات النظر بين الطرفين. وأعلن ساكاشفيلي في حديث تلفزيوني انه سيبدأ جولة يجري خلالها محادثات مع عدد من قادة"الثمانية الكبار ... ما عدا روسيا". وقال انه سيبحث في عدد من الملفات الحيوية من بينها ملف الجمهوريات الساعية الى الانفصال عن جورجيا أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية والذي"لن نسمح بتمرير أي حل له من وراء ظهورنا"، في إشارة الى دور تقوم به موسكو على هذا الصعيد. واللافت ان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ميتيو برايز كان صرح لوكالة"نوفوستي"الروسية بأن الولاياتالمتحدة تنوي تعزيز تعاونها مع جورجيا التي وصفها بأنها"حليف محوري في منطقة مهمة للغاية لنا". وربط بين ملفي"أمن الطاقة في جنوب القوقاز ومشكلة النزاعات الانفصالية"، مشيراً الى ان هذه الملفات ستكون محوراً أساسياً للبحث خلال لقاء الرئيس جورج بوش مع ساكاشفيلي في الرابع من الشهر المقبل. واضاف برايز ان تعاون البلدين"لا يقتصر على ضمان الأمن عموماً وأمن الطاقة خصوصاً"، لكنه"ضروري لإنجاز اختبار الديموقراطية في الفضاء السوفياتي السابق"، معتبراً ان جورجيا سارت خلال العامين الماضيين خطوات مهمة في هذا المجال، وصفها بأنها"معجزة تستحق الاحترام"مشيراً الى أهمية إنجاز الاختبار حتى نهايته.