تلقت مساعي الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشينكو للتقارب مع حلف شمال الأطلسي أول ضربة جدية، بعدما أدت احتجاجات شعبية واسعة في شبه جزيرة القرم إلى إفشال مخطط لإجراء مناورات عسكرية أوكرانية - أطلسية مشتركة كانت مقررة الأسبوع المقبل. واضطرت واشنطن إلى سحب القوات الأميركية تحت ضغط التظاهرات التي تواصلت في المنطقة خلال الأسبوعين الماضيين، منذ إعلان كييف عن إجراء المناورات الأولى من نوعها على أراضي الجمهورية السوفياتية السابقة في السادس عشر من الشهر الجاري. ووصلت إلى منطقة القرم المتمتعة بحكم ذاتي في إطار أوكرانيا قبل أسبوعين، وحدات عسكرية أميركية قوامها نحو 200 جندي، حاملة تجهيزات ومعدات ضخمة من اجل التحضير للمناورات. لكنها قوبلت بتحركات شعبية وصفت بأنها الأولى من نوعها بعدما جمعت صفاً عريضاً من القوى السياسية المعارضة للتقارب مع الولاياتالمتحدة والحلف الأطلسي. ورفع المتظاهرون شعارات ندّدت بخطط يوتشينكو، وطالبت برحيل القوات الأميركية فوراً. وفشلت كييف في السيطرة على الموقف خصوصاً بعدما انضم البرلمان المحلي إلى مطالب الشارع، واصدر قانوناً يعتبر شبه جزيرة القرم "منطقة خالية من القوات الأطلسية". وتحت ضغط التحركات المتواصلة بدأت الطائرات العسكرية الأميركية الأحد الماضي، عملية سريعة لإجلاء القوات انتهت أمس، بنقل كل الوحدات إلى قاعدة أميركية في ألمانيا، وعلى رغم هذا التطور، واللافت أن قوى يسارية روسية شاركت في تنظيم الاحتجاجات في شبه جزيرة القرم، علما أن موسكو أعلنت رسمياً احتجاجها على إجراء المناورات ومعارضتها الصارمة للتقارب بين حلف الأطلسي وأوكرانيا، واعتبرت أن مضي القيادة الأوكرانية في نيتها المعلنة للانضمام إلى الحلف الغربي سيقابل ب"رد فعل قوي ومكافئ"بحسب تعبير ممثلي الخارجية الروسية. وقال زعيم الحزب الشيوعي المحلي ليونيد غراتش أنه"أول نصر في معركة مواجهة خطط انضمام أوكرانيا إلى الحلف". ورأى محللون روس أن التطور سيعزّز مواقف روسيا إزاء جيرانها. واللافت أن جورجيا التي خاضت مع أوكرانيا مواجهة مفتوحة لتقليص النفوذ الروسي في الفضاء السوفياتي السابق، مهّدت لزيارة يقوم بها الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي إلى موسكو اليوم، بالإعلان عن تشديد الرقابة على الحدود الروسية - الجورجية، وهو مطلب كانت موسكو تنادي به منذ سنوات، معتبرة أن الانفصاليين يستخدمون هذه الحدود للتسلل إلى منطقة شمال القوقاز. وينتظر أن تشغل ملفات العلاقة بين الجمهوريات السوفياتية السابقة في إطار رابطة الدول المستقلة، حيزاً من مناقشات ساكاشفيلي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك ملف الأقاليم الساعية إلى الانفصال عن جورجيا، خصوصاً بعد إعلان اوسيتيا الشمالية أخيراً عزمها على التقدم رسمياً بطلب للانضمام إلى الاتحاد الروسي، وهو الإعلان الذي تحفظت موسكو عن الرد عليه. كما سيناقش الرئيسان الأوضاع الإقليمية وخطط التقارب مع حلف الأطلسي وكذلك ملف الطاقة وخطوط إمداد النفط والغاز الروسية إلى أوروبا.