باتت كرة القدم في ساحل العاج، وتحديداً بعد تأهل المنتخب العاجي إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه، عامل وحدة وتصالح في البلاد التي دمرتها الحرب السياسية العسكرية منذ ثلاثة أعوام. وتحولت ساحل العاج في تشرين الأولأكتوبر الماضي إلى مسرح أفراح وأهازيج شعبية، ونسي الأهالي الحرب المدمرة، وخرجوا يهللون لانجاز"الفيلة"، وهو لقب المنتخب العاجي، ببلوغه الأدوار النهائية للمونديال للمرة الأولى في تاريخه. وكانت البلاد مقسمة إلى شطرين منذ عامين، اثر محاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس لوران غباغبو في أيلولسبتمبر 2002، حيث كان الشمال تحت قيادة قوات التمرد الجديدة، والجنوب تحت قيادة القوات الحكومية. وقال الرئيس العسكري لقوات التمرد الجديدة مورو واتارا:"المنتخب الوطني ينتمي إلى الأمة العاجية بكاملها، ولا يجب الخلط بين السياسة والرياضة". بيد ان الوحدة التي جاءت عقب التأهل إلى النهائيات لم تحجب الخلافات السياسية في البلاد، التي استدعت تدخل الأممالمتحدة لحلها من دون جدوى. ومن غرف الملابس في السودان، حيث كان اللاعبون العاجيون يحتفلون بالتأهل، وجه نجم تشلسي الانكليزي قائد المنتخب ديدييه دروغبا نداء إلى جميع المعنيين بالخلاف في البلاد، ودعاهم إلى"نزع السلاح والتوافق للوصول إلى السلام". من جهته، هدد رئيس الاتحاد العاجي لكرة القدم جاك انوما في شباطفبراير الماضي، بالانسحاب من المشاركة في العرس العالمي في حال لم يتم التوصل إلى حل للمشكلة السياسية في نهاية أيارمايو، بيد ان شيئاً من هذا القبيل لم يحصل، كما ان المنتخب العاجي سيشارك في المونديال على رغم الأزمة السياسية. وأبدى أنوما أسفه لعدم التوصل إلى الوفاق الوطني وقال في هذا الصدد:"كنا نأمل بأن يزيد كل انجاز للمنتخب في تقريب العاجيين من التصالح الحقيقي، لكن للأسف لا نرى ذلك حتى في الأفق البعيد". وعلى رغم ذلك، ترغب الكرة العاجية في مواصلة لعب دور فعال في التوصل إلى حل للازمة. وكانت البوادر الأولية لذلك مطلع عام 2002، عندما كانت الأجواء السياسية ساخنة في البلاد حيث أعلن الرئيس غباغبو عن ترشيح ساحل العاج لاستضافة كأس أمم أفريقيا لعام 2006، التي نالت شرف تنظيمها مصر وأحرزت لقبها في شباط الماضي على حساب ساحل العاج في المباراة النهائية بركلات الترجيح. وأوضح أنوما أن"الرئيس غباغبو يعشق كرة القدم كثيراً، وهو فعل كل ما في وسعه ووضع كل الإمكانات المادية تحت تصرفنا. النتيجة واضحة الآن، فقد تأهلنا إلى نهائيات كأس العالم وقدمنا عرضاً رائعاً في بطولة أمم أفريقيا في مصر". وفي أجواء اللا سلم واللا حرب، سيحظى المنتخب العاجي بدعم شعبه بكامله في"المونديال"، وينتظر اللاعبون بفارغ الصبر تقديم عرض يشرف الكرة العاجية والشعب العاجي. دروغبا البرج العاجي يعتبر مهاجم نادي تشلسي الانكليزي ديدييه دروغبا بيضة القبان لمنتخب بلاده في نهائيات كأس العالم في المانيا، فعندما يكون في قمة مستواه يرتد ذلك ايجاباً على نتائج فريقه، وخير دليل على ذلك تسجيله 10 أهداف في التصفيات الأفريقية المؤهلة الى المونديال. ويلخص مدرب ساحل العاج الفرنسي هنري ميشال هذا الامر بقوله:"الامر واضح، عندما يلعب ديدييه جيداً فان الفريق يحقق نتائج جيدة، وللأسف فإن العكس هو صحيح ايضاً". وغالباً ما يقلل دروغبا المتواضع من اهميته في صفوف الفريق، ويؤكد دائماً ان الجهود التي يبذلها الآخرون وعلى رأسهم المدافع الصلب كولو توريه والمهاجم السريع ارونا ديندان تسهم ايضاً في تحسين عروض منتخب الافيال. ويقول احد العارفين بالكرة الافريقية:"هناك منتخبات تملك نجوماً في صفوفها، امثال زين الدين زيدان في فرنسا وديفيد بيكهام في انكلترا وفرانشيسكو توتي في ايطاليا، لكن قلة من المنتخبات تعتمد اعتماداً كلياً على لاعب واحد، مثل ساحل العاج التي تعول كثيراً على دروغبا". وليست اهداف دروغبا الوحيدة التي ساعدت المنتخب، لكن الكاريزما التي يتمتع بها وهدوءه ساعدا زملاءه كثيراً في الأوقات الحرجة، لان المنتخب يضم عناصر موهوبة، لكنها تفتقد الخبرة بعض الشيء. واكتسب دروغبا كثيراً منذ انتقاله الى تشلسي، خصوصاً باشراف مدربه المحنك البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي علمه بعض الامور التي كانت تنقصه، بمعنى اخر ثقافة الفوز التي يحاول ان ينقل عدواها الى زملائه في المنتخب الوطني.