ما الفرق بين ان يكون رئيس الوزراء الفلسطيني هو محمود عباس ابو مازن الذي استقال، او ان يكون احمد قريع ابو علاء الذي قبل بالمنصب بعدما وضع شروطاً طلب من الاميركيين والاسرائيليين تلبيتها، فرفضها الاميركيون والاسرائيليون؟ لقد قوبلت طلبات - شروط "ابو علاء" من اسرائيل، وهي وقف الاغتيالات والاعتقالات ووقف الاستيطان والانسحاب من مدن الضفة وانهاء حصار الرئيس ياسر عرفات، بالرفض المباشر من جانب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. اما طلب "ابو علاء" الدعم من اميركا في تنفيذ "خريطة الطريق"، باستخدام نفوذها للضغط على اسرائيل لتنفذ التزاماتها بموجب "الخريطة" فقد قوبل بتذكيره بأن الاولوية من وجهة النظر الاميركية هي قضية امن اسرائيل، وضمان سيطرة رئيس الوزراء الفلسطيني على جميع الاجهزة الامنية والعمل على "تفكيك البنى التحتية للمنظمات الارهابية"، اي التنظيمات الفلسطينية الوطنية والاسلامية التي لها اجنحة عسكرية. وهكذا جاء رد ادارة جورج بوش على طلب "ابو علاء" في شكل طلبات موجهة اليه، وهي طلبات وضعتها حكومة شارون وتبنتها واشنطن بحذافيرها كما تبنت طلب شارون الابقاء على الرئيس الفلسطيني المنتخب محاصراً واعتباره "جزءاً من المشكلة لا جزءاً من الحل"! لقد الغى شارون عملياً اي امكانية لتفاوض سياسي بين حكومته والسلطة الفلسطينية الغاءً من المستغرب جداً ان الدول الغربية تلتزم الصمت ازاءه ولا تدينه وتطالب الفلسطينيين بدلاً من ذلك بوقف "الارهاب" مع انهم يتعرضون للارهاب الصهيوني منذ عقود، وهو ارهاب يزداد وحشية منذ وصول مجرم الحرب شارون الى منصبه الحالي. والآن يبدو ان الاميركيين يصرّون على التدخل في مسألة مَنْ يتولى السيطرة على الاجهزة الامنية وتوظيفها ضد المقاومين للاحتلال تحت التهديد بإطلاق يد اسرائيل لإبعاد الرئيس عرفات! ان الغاء شارون العملية السياسية والتفاوضية لمنع تنفيذ خطة السلام المطروحة حالياً اتى ويأتي من خلال رفضه الهدنة التي اقنع "ابو مازن" الفصائل الفلسطينية باعلانها في اواخر حزيران يونيو الماضي ومواصلته اغتيال النشطاء والقياديين الفلسطينيين ونهب الاراضي الفلسطينية ببناء جدار الفصل العنصري واعتقال الفلسطينيين وعدم اطلاق اسراهم وابقاء مدنهم تحت الاحتلال. ان هدف شارون من وراء تلك الافعال الدموية الاجرامية الحيلولة دون اي حل للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي يتسم بالعدل ويعني اساساً انهاء الاحتلال العسكري الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية. ذلك ان شارون يعتبر السلام تهديداً لخطة بسط "اسرائيل الكبرى" على مساحة فلسطين التاريخية، من دون فلسطينيين إن امكن ذلك، وإن لم يمكن فبإخضاعهم واستغلالهم كأيد عاملة رخيصة. قد يتغير رؤساء وزراء السلطة الفلسطينية المرة تلو المرة، غير ان سياسات شارون واليمين الاسرائيلي لا تتغير. ولكن هل سيقبل الفلسطينيون لانفسهم بالمصير الذي يريده لهم شارون؟ وهل سيستطيع شارون تحقيق الأمن للاسرائيليين، ام سيعرض شعبه لعمليات انتقامية فلسطينية؟ هذان سؤالان ينبغي ان يمعن العقلاء في صفوف الاسرائيليين النظر فيهما والاجابة عنهما.