انعش انتخاب اليساري عمير بيرتس على رأس حزب العمل آمال الفلسطينيين بعودة ما انقطع بينهم وبين هذا الحزب في مفاوضات كامب ديفيد وطابا قبل أكثر من خمس سنوات، لكن هذا الأمل سرعان ما تبدد مع انشقاق شارون عن حزب"ليكود"وتحركه نحو مركز الخارطة السياسية في اسرائيل جاذباً اليه الاهتمام الشعبي من جديد. وسلطت الأضواء على بيرتس، لدى انتخابه رئيسا لحزب العمل الأسبوع الماضي، على نحو جذب قطاعات جديدة من المجتمع الاسرائيلي للتصريح بنيتهم التصويت له في الانتخابات المرتقبة في آذار مارس العام المقبل، لكن هذه الأضواء سرعان ما خبت لمصلحة شارون المتحرر من قيود حزبه السابق"ليكود"، واطلاق حزبه الجديد. وكانت السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية بقيادة حزب العمل حققتا تقدما ملحوظاً، رغم عدم اتفاقهما، في مفاوضات كامب ديفيد ومفاوضات طابا التي تلتها، وهو ما تم مسحه من الارشيف الحكومي الاسرائيلي بعد وصول شارون الى منصب رئاسة الحكومة في شباط فبراير2001. ولا يخفي المسؤولون في السلطة الفلسطينية تطلعهم الى عودة حزب العمل لمواصلة التفاوض من النقطة التي انقطعت عندها المفاوضات في طابا، والتي شارفت على التوصل الى اتفاق تاريخي، بحسب ياسر عبد ربه أحد المشاركين في تلك المفاوضات. لكن مع العودة الجديدة والقوية لشارون الى الساحة الحزبية الاسرائيلية فان الفلسطينيين يتوقعون ان"تنام"قضيتهم في ادراج السياسة الاسرائيلية لسنوات طويلة مقبلة. ذلك ان شارون القادم بجلد جديد الى الحكم لا يخفي جوهره القائم على تقديم حلول مرحلية لا تفي بالحد الأدنى من تطلعات الفلسطينيين. وقال الدكتور احمد صبح وكيل وزارة الاعلام الفلسطينية:"لا أرى شارون يقدم في فترة حكمه التالية اكثر مما قدم في فترة حكمه السابقة... عاد شارون ليتحدث عن خريطة الطريق والدولة الفلسطينية المستقلة لكن وفق فهمه واشتراطاته". ويرى صبح ان"اختيارنا بين شارون وحزب ليكود هو اختيار بين السيئ والأكثر سوءاً". ولا يخفي شارون نيته ضم الكتل الاستيطانية الرئيسية في الضفة والتسريع في بناء الجدار الفاصل وجعله الحدود المستقبلية مع الفلسطينيين في أي حل سياسي مستقبلي. ويصرح في لقاءاته العامة وفي رسائله السرية الموجهة الى الفلسطينيين ان الحل الوحيد لديه هو الدولة ذات الحدود الموقتة. ويحاول اقناع القيادة الفلسطينية بهذا الحل قائلا انه"سيكون حلاً مرحلياً وليس دائماً". لكن القيادة الفلسطينية تبدي قلقاً كبيراً من هذا الحل وترى فيه غطاءً لقيام اسرائيل بضم الكتل الاستيطانية وتهويد القدس. وقال نبيل ابو ردينة الناطق باسم الرئيس الفلسطيني:"لو كان هذا الحل يوفر الحد الأدنى من تطلعاتنا لقبلناه منذ زمن بعيد، ولأزلنا الحصار عن ياسر عرفات بمكالمة هاتفية". غير ان شارون من غير"ليكود"يظل أسهل للفلسطينيين من"شارون"مع"ليكود". وقال صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير:"ما حدث ليس مجرد حل كنيست او تغير في التحالفات، وهو ايضا لم يحدث لاسباب سياسية او ثقافية. ما حدث له علاقة بصنع السلام مع الشعب الفلسطيني".