تؤكد مصادر رسمية في واشنطن ان الإدارة الأميركية تستعد لإطلاق مرحلة"إعادة تقويم"وجودها العسكري في العراق، والذي دخل عامه الرابع، ودرس خيارات خفض قواتها هناك 133 ألف جندي قبل نهاية السنة، موعد الانتخابات النصفية في الكونغرس. وفي القمة التي جمعت الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في واشنطن الأسبوع الماضي، بدا واضحاً أن بريطانيا أكثر ميلاً من الولاياتالمتحدة الى خطوة تؤدي الى إعادة انتشار قوات التحالف الغربي في العراق. بالنسبة الى بوش ستكون خطوة من هذا النوع إقراراً بأثر العمليات العسكرية التي تواجهها قواته، في معنويات القيادة والجنود. أما بريطانيا الشريك الأصغر في الحرب، فواضح أن وجود قواتها في البصرة بدأ يتعرض لأخطار حرب تشنها جهات كثيرة على قوات التحالف، وإن كان نصيب الجيش البريطاني محدوداً اذا قيس بالخسائر التي يتكبدها الأميركيون. إعادة الانتشار في العراق كخطوة ممهدة لانسحابات، تطرح في مواقع القرار في الولاياتالمتحدةوبريطانياوالعراق. ويبدو ان الانتخابات النصفية للكونغرس المرتقبة في تشرين الثاني نوفمبر ستشكل مفصلاً مهماً في هذه النقاشات، فالتوقعات بخسارة بوش الغالبية التي تؤيده في الكونغرس، ستؤدي اذا تحققت الى زعزعة مشاريعه، فيما يُستبعد أن تكون لدى الديموقراطيين في حال فوزهم، نية لسحب القوات من العراق سريعاً. فالانسحاب بالنسبة الى معظم الأميركيين إقرار بهزيمة الولاياتالمتحدة. ولا تستبعد وجهة النظر هذه خططاً مختلفة ضمن استراتيجية البقاء في العراق، كإعادة الانتشار أو التجمع في المدن الرئيسة، وتسليم الأمن الى القوات العراقية. ولكن من الواضح ان إدارة بوش بدأت البحث عن مخرج"مشرف"لمأزقها في مستنقع العراق. وفي هذا السياق، يشق طريقه الى غرف القرار في أميركا، اقتراح بتقسيم العراق الى ثلاث فيديراليات في الجنوب والوسط والشمال، على أن تبقى بغداد عاصمة مركزية للبلد. وهذا الفرز سيؤدي الى"نقاء"طائفي وقومي، يمهد لتراجع أعمال العنف. لكن أصحاب هذا النهج يواجهون صعوبات كثيرة تحول دون تحققه، منها الاختلاط القومي والطائفي في العراق وصعوبة توزيع مداخيل النفط والثروة المائية. وفيما تشير المصادر الرسمية الأميركية الى ان أي انسحاب سيخضع"للشروط على الأرض ومدى كفاءة قوات الأمن العراقية، وليس لضغوط سياسية في الداخل الأميركي"، يرى مراقبون ان ارتفاع عدد قتلى القوات الأميركية حوالي 2500 جندي، والدعوات المتلاحقة من نواب في الحزبين الجمهوري والديموقراطي الى انسحاب كهذا، استعجلت إطلاق هذه العملية. ووصلت نسبة الأميركيين المعارضين لقرار الحرب الى 55 في المئة، بحسب استطلاع أجرته شبكة"سي ان ان"الأسبوع الماضي. "الحياة"أعدت ملفاً من واشنطنوبغداد حول سيناريوات إعادة الانتشار الأميركي في العراق، ومعيقاته. ويتضمن الملف طروحات لمسؤولين أميركيين، سياسيين وعسكريين حاليين وسابقين. ومن العراق، رصدت"الحياة"الاحتمالات، خصوصاً في ضوء تشكيل الحكومة الجديدة. راجع ص 12