تتحدث الأرقام عن 228 دقيقة معدل المشاهدة اليومية للتلفزيون في السعودية والكويت، وبدرجة أقل في الامارات ودول أخرى. أرقام أخرى تتحدث عن 200 مليون دولار أميركي هو حجم"الكعكة"الاعلانية التلفزيونية في العالم العربي، التي تتصارع عليها عشرات الفضائيات، وهي نوعان: مشفّر أي لقاء اشتراك شهري مدفوع ومجاني بوسع أي كان مشاهدتها. التخصص موضة السنوات الأخيرة. أفلام، مسلسلات، رياضة، أخبار، أطفال وسواها. كان ذلك حكراً على القنوات المشفرة "اي آر تي"،"أوربت"وپ"شوتايم" الى أن سجلت"روتانا"اختراقها بسلسلة من القنوات المجانية تعرض السينما والأغاني من دون أن يضطر المشاهد الى حيازة ذاك الصندوق العجيب المسمى"ديكودير". القنوات المشفرة في خطر؟ لوهلة، قد يظن المرء أنها"تعاني"فعلاً، بما أن القنوات"المجانية"تضاعف عددها، إضافة الى كونها لا تستقطب، في الغالب، الاعلانات، بل تنفق مئات الالوف من الدولارات على تسويق خدماتها. واللافت ما قامت به"شوتايم"أخيراً، حين خصصت طائرة هيليكوبتر، على سبيل الترويج، لنقل صحافيين من العالم العربي، في رحلة حلقت فوق دبي وحطت على سطح"برج العرب"الشهير. وفي المقابل اعلانات قناة"اوربت"تملأ الشوارع وپ"اي آر تي"ماضية في تسويق حيازتها الحق الحصري لنقل مباريات كأس العالم. هل يعكس كل ذلك الترويج مأزقاً؟ بيتر آينشتاين، الرئيس التنفيذي لشركة"شوتايم""موفي شانيل"،"تي في لاند"،"ام تي في"،"ديسكافري"وغيرها، يرى غير ذلك. "لا يعرف كثر أن عوائد الشبكات التلفزيونية الثلاث المشفرة في العالم العربي تتجاوز عوائد كل ما تجنيه المحطات التلفزيونية الأخرى المجانية من اعلانات". تصريح صادم قد يحتاج الى تمحيص، الا أنه يعني أن عوائد"اي آر تي"وپ"شوتايم"وپ"اوربت"من الاشتراكات الشهرية التي يدفعها المشاهدون، لقاء التفرج على مضمون اعلامي غربي تم توليفه للعرب، تبلغ أكثر من 200 مليون دولار. كيف ذلك؟ وهل تكفي اطلالة صفاء ابو السعود المشفرة على"اي آر تي"أو"ربات بيوت يائسات"، مسلسل"شوتايم"الشهير اضافة الى"لوست"وغيرهما، وقناة تعرض المسلسلات العربية من دون توقف على"أوربت"... لمواجهة المنافسين"المكشوفين"؟ لعل ما تراهن عليه تلك القنوات أكثر من ذلك: إنه مقص الرقيب! في حالة"شوتايم"، حيث 50 قناة بينها 15 قناة أفلام سينمائية تعرض 1700 فيلم في الشهر، فإن عدم"تقطيع"الافلام الأجنبية والعربية وعرضها، كما ولدتها"أمهاتها في الاستوديوات"، سيصبح الشعار الأهم الذي تعتمده القناة لترويج باقاتها، اضافة الى أمور اخرى، مثل: عدم وجود اعلانات"مزعجة"، مشاهدة الافلام قبل 18 شهراً من عرضها على التلفزة"المجانية"، والعقود الاحتكارية لمسلسلات وبرامج أميركية مع 5 من أصل 8 استوديوات خاصة في هوليوود. كل هذا اضافة الى ميزات تكنولوجية مثل توافر خدمة"المشاهدة لقاء الدفع"في أي وقت لأي فيلم أو التمكن من"توليف"محطة شخصية لكل مشاهد، يبرمجها كما يريد. لكن غياب الرقابة عما تعرضه، يبقى الاهم."لم نتعرض لأي ضغوط من أي جهة دينية أو سياسية لفرض الرقابة. وحين جربنا ذلك قبل سنوات، ظناً منا أننا نراعي خصوصية المجتمع، احتج عملاؤنا وقالوا: ان كنتم ستمارسون الرقابة، فسنعود لمشاهدة التلفزيون المجاني"، يردد أينشتاين معتبراً أن الشبكات المشفرة"لا تجبر أحداً على مشاهدة ما لا يريد، لكنها تعطيه خيارات أوسع، وهي زائر لا يمكن ادخاله الا اذا رغب صاحب الشأن بذلك". وتجد تلك الشبكات أن من مصلحتها أن تبيع للمنزل الواحد أكثر من اشتراك تلفزيوني واحد، لذلك تقدم"شوتايم"في باقاتها الجديدة البلاتينية خدمة"الاشتراك الثاني كي لا يتعارك أفراد الأسرة حول التحكم بالريموت كونترول". وعلى رغم وجود دراسات تقول ان 89 في المئة من البيوت في السعودية السوق الأكبر الذي تهتم به وسائل الإعلام تمتلك صحوناً لاقطة، بينما 16 في المئة فقط لديها اشتراكات مدفوعة دراسة"المرشدون العرب"، فإن أينشتاين لا يعبر عن قلقه من تلك الأرقام، ويقول:"المشتركون في المشفر الى تزايد، في ظل ارتفاع الحاجة الى كل ما هو جديد وحصري ومتنوع وغير ممسوس بمقص الرقيب". تبحث الشركة أيضاً في امكان طرح أسهمها في سوق الأسهم، وپ"هذا يحتم على أي قناة تلفزيونية تريد اقتحام تلك التجربة أن تفصح تماماً عن كل ارقامها، ابتداء من عدد المشاهدين وصولاً الى العوائد المادية"، كذلك اطلاق قنوات جديدة، وربما تجربة الأفلام العربية المصرية والشمال افريقية الى الانكليزية، كخطوة"حضارية"تضاف الى رصيدها. فهل يتغلب"المشفر"على تزايد قنوات"المجان"؟ الصورة الى الآن غير حاسمة، والفترة المقبلة مقياس.