ربما لا يشعر أي مشاهد عربي بقيمة أفلام سينمائية تعرض على الفضائيات العربية بقدر سعودي أو مقيم في السعودية، يعشق السينما أو يحب مشاهدتها على الأقل. ولعلّ اهتمام قنوات فضائية بعرض الأفلام الأميركية فقط، أكبر دليل على ذلك، خصوصاً أن المشاهد السعودي محل اهتمام معظم المعلنين في الفضائيات. وطبعاً لا يعني ذلك أن المشاهدين العرب في الدول الأخرى لا يهتمون بهذه القنوات، بقدر ما يعني أن المشاهد السعودي هو الهدف الأول من وراء قنوات الأفلام الأميركية. لا يقف حد فضائيات الأفلام عند"ام بي سي 2"ولا قناة ONE التابعة ل"دبي"، بل يمتد إلى قنوات مشفرة تستدعي اشتراكاً سنوياً مقابل مبلغ ليس بالقليل يدفع دورياً. وربما كانت الأخيرة - القنوات المشفرة - الأكثر اهتماماً بالافلام الاميركية وغير الأميركية في احيان قليلة. لتجد في باقة"شوتايم"مثلاً أربع قنوات متخصصة في عرض الأفلام الأجنبية وواحدة للأفلام العربية، والأمر لا يختلف كثيراً في باقة أوربت. بل ويمتد ليتحول إلى ما يسمى بپ"هوم سينما"أي سينما المنازل، إذ يضطر المشاهد إلى دفع نحو 5 دولارات للفيلم الواحد الذي يختاره من بين أفلام لم تعرض بعد في أي قناة أخرى بل ولم توزع على أشرطة فيديو ولا أقراص مدمجة. وربما كان كل ذلك كلام معروف بالنسبة إلى كثيرين. ومع حضور واضح وقوي للسينما على شاشات التلفزيون، يُوجه هنا سؤال إلى نُقاد المسلسلات والبرامج التلفزيونية العربية التي تحمل فكراً أو تلامس أحد"التابوهات"الثلاثة الدين والجنس والسياسة: ماذا عن الأفلام الأميركية التي تلامس أو تحمل الفكر ذاته الذي يُنتقد في المسلسلات والبرامج العربية، خصوصاً أنها تعرض الآن على قنوات عربية؟ جواب مثل أن ذلك ليس جديداً على الأفلام الغربية أو الاميركية تحديداً، لأن مجتمعاتهم تختلف عن مجتمعاتنا لا يقنع، خصوصاً إذا عرفنا أن مسلسلاً مثل"مطلقات يائسات"تعرض لانتقادات من جمعيات ومراكز أميركية دينية محافظة، وهو يعرض على إحدى الباقات العربية، والعذر أن فيه مشاهد غير لائقة ولا تناسب الذوق العام، بالنسبة إلى تابوه الجنس. أما بالنسبة إلى التابوه الديني فنجد فيلماً عُرض على إحدى قنوات"شوتايم"قبل أيام قليلة -"بداية المكعب"أو CUBE ZERO، إخراج إرني باربراش - يناقش فكرة وجود الله ومعنى الحياة والألم فيها. طبعاً الفيلم هو الثالث ضمن سلسلة CUBE الذي أنتج 1997 ولحقه Hypercube - 2002، وطبعاً لم يطرح باربراش في فيلمه الأخير تحديداً أفكاره بوضوح تام بل تحايل بوضع الفيلم ضمن إطار أفلام الخيال العلمي، إذ ان القصة تحكي باختصار شديد أن شاباً يتولى مهمة مراقبة المكعب، ليحاول بعد ذلك إنقاذ امرأة حُبست في إحدى غرفه! وطبعاً لو كان الفيلم واضحاً وصريحاً لتعرض لانتقادات شديدة من المؤسسات الدينية في أميركا، على رغم انه سيعرض. بعد سنوات قليلة سيكون هناك فيلم آخر أيضاً مأخوذ من رواية"بوابة العقارب"لريتشارد كلارك التي تحكي عن وصول الأصوليين المتشددين إلى الحكم في منطقة الخليج وتأسيسهم دولة اسمها"اسلامية". إذاً كل ذلك في المنازل العربية والسعودية، وعبر الفضائيات، فيما تعرض مسلسل مثل"الحور العين"لهجمة"شرسة"بزعم أنه يشوه صورة السعوديين!