انقسمت الحركة النقابية في القطاع التعليمي في لبنان حول التظاهرة التي دعت إليها هيئة التنسيق النقابية غداً الأربعاء، ضد البرنامج الاقتصادي للحكومة، خصوصاً ضد فكرة التعاقد الوظيفي في القطاع العام، فيما اعلن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من لندن ان الحكومة"لم تعتمد مشروع التعاقد لتعود وتنسحب من موضوع لم تتبناه اساساً فهناك افكار طرحها الفريق الاقتصادي ثم عاد وسحبها من التداول". وفيما علم في نيويورك ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الفرنسي فيليب دوست - بلازي يلتقيان مساء اليوم على عشاء عمل يتركز على الملف اللبناني - السوري ومشروع القرار الدولي في هذا الصدد، بدا ان المواجهة السياسية في لبنان مستمرة، تحت عنوان التظاهر النقابي غداً، الذي ستشارك فيه القوى النقابية التابعة ل"حزب الله"وحركة"أمل"و"التيار الوطني الحر"بزعامة العماد ميشال عون والحزب الشيوعي اللبناني، فإن القوى النقابية لقوى 14 آذار دعت الى تأجيل التظاهرة للاستمرار في الحوار مع الحكومة، مؤكدة أهمية المطالب النقابية، ما أدى الى انسحاب رابطتي اساتذة الجامعة اللبنانية والتعليم الابتدائي من هيئة التنسيق التي اعلنت الاستمرار في التظاهر، فيما أكدت نقابة معلمي المدارس الخاصة عدم مشاركتها في الاضراب والتظاهر. واتهمت قوى 14 آذار"أطرافاً مشاركة في الحكومة بالتلاقي مع قوى اعلنت عزمها على إسقاط الحكومة ولتصفية حسابات سياسية"، على رغم سحب الأخيرة فكرة التعاقد الوظيفي من التداول. راجع ص 7 و8 وكان السنيورة الذي بدأ زيارة رسمية للعاصمة البريطانية، قال في لندن:"لن نقوم بخطوة إصلاحية ما لم يتفق عليها جميع اللبنانيين"، في معرض تأكيده سحب التعاقد الوظيفي من النقاش. ويتلازم التصعيد السياسي الداخلي الذي يشهده لبنان، مع تحرك خارجي للسنيورة ولرئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"النائب وليد جنبلاط الذي انتقل امس من القاهرة الى ابوظبي، حيث التقى رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، يرافقه وزير الإعلام غازي العريضي. وفي وقت ينتظر رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري عودة السنيورة من لندن لإطلاعه على نتائج زيارته العاصمة السورية، حيث نقل عنها ان لا صحة للأنباء عن ان الأبواب مقفلة امام زيارة رئيس الحكومة اللبنانية الى دمشق، اكدت مصادره ل"الحياة"في بيروت ان دمشق أبلغت رئيس البرلمان ان لا صحة لإشاعات عن انها تريد إسقاط السنيورة. وكان السنيورة الذي سيقابل اليوم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من اجل مطالبته بالمساعدة في الضغط على اسرائيل للانسحاب من مزارع شبعا، كما قال، اعلن ان"من يعرقل تحديد الحدود في مزارع شبعا المحتلة يؤخر تحرير ارض لبنانية". واللافت حوار للسنيورة مع السفراء العرب المعتمدين في لندن امس، شارك فيه السفير السوري سامي الخيمي الذي كرر موقف بلاده الداعي الى البدء بترسيم الحدود بين لبنان وسورية من الشمال، لأن مزارع شبعا محتلة، وقال:"لو لم تكن سورية تحترم سيادة لبنان لما كان لبنان". وعلمت"الحياة"ان عدداً من السفراء العرب في لندن سأل السنيورة عن صحة ما يقال من ان لبنان قد يتجه الى عقد اتفاق 17 أيار الذي أبرم عام 1983 وأُسقِط عام 1984 جديد مع اسرائيل، فأكد رئيس الحكومة أن لا لزوم للكلام عن ان لبنان الرسمي"يريد عقد اتفاق مشابه، فهو أسقط وبات من الماضي ولا مكان في قاموسنا السياسي والوطني لصلح منفرد مع اسرائيل، ومن يروّج لهذه الإشاعات يعرف انها من نسج خياله". وعن العلاقة مع سورية قال السنيورة:"لا يستطيع احد ان يفصل بين البلدين، وهناك قبول سوري بلبنان المستقل". لكنه شدد على"العلاقات الندية والمتكافئة وأن يعتاد اللبنانيون على ان يحكموا انفسهم بأنفسهم وأن يعتاد الأخوة في سورية على لبنان الذي يحكم نفسه بنفسه". واجتمع السنيورة الى عدد من المسؤولين البريطانيين المعنيين بالشأن المالي، وبينهم وزير الخزانة البريطاني غوردون براون. وقال السنيورة ل"الحياة"ان الأخير ابلغه ان الدعم الاقتصادي للبنان وعقد مؤتمر"بيروت -1"للدول المانحة سيدرجان على جدول اعمال القمة التي تعقد الأسبوع المقبل للدول الثماني والدول المتوسطية في شرم الشيخ في إطار المنتدى الاقتصادي العالمي. وعلمت"الحياة"ان السنيورة شرح للوزير البريطاني ما تعتزمه الحكومة اللبنانية في مجال الإصلاح الإداري والمالي، وأن الأخير اكد دعم بلاده كل ما يحتاجه لبنان من تجهيزات تقنية وفنية، إضافة الى ترحيب لندن بعقد مؤتمر"بيروت ?1". ونقل اعضاء في الوفد اللبناني عن براون قوله انه سبق لبلاده ان واجهت صعوبة في تحقيق الإصلاح الإداري، ولكن من غير الجائز التلكؤ فيه نظراً الى ان الإصلاح هو"الوعاء القادر على استيعاب الدعم الذي يلقاه أي بلد من الأصدقاء". وفي نيويورك، تجتمع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس مع نظيرها الفرنسي فيليب دوست - بلازي مساء اليوم للتركيز على ملف لبنان وسورية، والاستراتيجية القريبة والبعيدة للتعاطي مع هذا الملف داخل مجلس الأمن وخارجه. وتوقعت أوساط مطلعة ان يتطرق البحث الى مشروع القرار الذي تنوي الديبلوماسية الاميركية والفرنسية عرضه على بقية أعضاء مجلس الأمن هذا الاسبوع. ويتضمن مشروع القرار مطالبة مجلس الأمن لسورية بالتعاون الكامل مع الحكومة اللبنانية لانجاح عناصر الاجماع اللبناني وبالذات ترسيم الحدود بين البلدين، واقامة العلاقات الديبلوماسية، وخطوات تجريد الميليشيات غير اللبنانية واللبنانية من السلاح. ووصل الى نيويورك نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للعمل مع أعضاء مجلس الأمن ضد مشروع القرار الذي انذرت سورية في رسالة رسمية بأن صدوره، أو صدور بيان، سيزيد من التوتر في لبنان. وكان سفير الصين غوانغيا وانغ قال ل"الحياة"الاسبوع الماضي انه لن يمارس الفيتو في ما يخص هذه المسألة، إشارة الى مشروع القرار المعني بلبنان وسورية. وكذلك، وصل الى نيويورك سيرج براميرتز رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، حيث اجتمع مع الأمين العام كوفي انان للبحث في"سبل التقدم الى الأمام في اعمال اللجنة"، حسب الناطق ستيفان دوجاريك. لكن دوجاريك اشار الى ان السبب الاساسي في زيارة براميرتز هو مسائل الميزانية والموارد والاموال التي تقرها الأممالمتحدة لهذه المهمات.