لم يمنع"الحجْر السياسي"المفروض من رئيس المجلس النيابي نبيه بري على نتائج زيارته الأخيرة لدمشق واجتماعه مع الرئيس السوري بشار الأسد، والتي ستكون على جدول اعمال مؤتمر الحوار الوطني في جولته الثلثاء المقبل في البرلمان، الأطراف المحليين من اعتبارها محاولة لتسجيل اختراق في جدار العلاقات اللبنانية ? السورية يمكن ان تمهد لزيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة العاصمة السورية. وعلى رغم ان بري والنائب في حركة"أمل"علي حسن خليل الذي رافقه في زيارته الرسمية لدمشق يلوذان بالصمت حيال النتائج التي أسفرت عنها مكتفين بوصفها بالإيجابية، فإن مصادر سياسية تؤكد لپ"الحياة"ان الزيارة جاءت تأكيداً من رئيس المجلس لالتزامه امام المؤتمرين المساعدة من اجل تطبيق ما أجمعوا عليه من قرارات... أسوة بالتزام مماثل كان عبّر عنه الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله. ومع ان التحضير لزيارة بري جاء مباشرة عبر الاتصالات التي اجراها موفده الى دمشق لهذه الغاية النائب خليل من دون المرور بقنوات الاتصال الأمنية، فإن قيادات سياسية ومرجعيات روحية لم تفاجأ بالزيارة تلبية لدعوة من الرئيس الأسد. وبحسب المعلومات، فإن السنيورة كان على علم مسبق بنية بري التوجه الى دمشق من دون ان يحاط علماً بموعدها، كما ان نصر الله كان وضع في صورة الزيارة. وإذ تمت زيارة بري في اجواء من التأزم المسيطر على علاقة السنيورة وقوى 14 آذار بالقيادة السورية، فإنها لم تتطرق الى جدول الأعمال الذي أعده رئيس الحكومة لزيارته دمشق وكان سلمه الى الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ? السوري نصري خوري بمقدار ما انها تمحورت حول كيفية استعادة الثقة بين البلدين كأساس لخفض التوتر من جهة وتحضير الأجواء المناسبة للبحث بأعصاب باردة في ملف العلاقات الثنائية بعيداً من تسجيل المواقف واستمرار تبادل الحملات الإعلامية والسياسية. واستناداً الى هذه المعلومات التي تناقلها اخيراً عدد من حلفاء سورية الذين يترددون باستمرار الى دمشق، فإن القيادة السورية ترفض تعاطي بعض اطراف الحوار اللبناني وكأنها تحولت الى هيئة تنفيذية عليها الالتزام بتطبيق ما أجمع عليه مؤتمر الحوار. وبكلام آخر ترفض القيادة السورية ? بحسب زوارها ? ان يأتي السنيورة الى دمشق ليطلب منها الالتزام بإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين وتبادل السفراء وتحديد الحدود بما فيها منطقة مزارع شبعا المحتلة ودعم المؤتمرين لتنفيذ قرارهم الرامي الى جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ومعالجته في داخلها. ويضيف هؤلاء ان دمشق وإن كانت تعلن باستمرار ترحيبها بزيارة السنيورة، كما نقل الموفد السوداني مصطفى عثمان اسماعيل كلاماً في هذا الخصوص عن الرئيس الأسد، ورفضها بأن تبقى ابواب دمشق موصدة في وجهه، فإنها ليست في وارد استقباله على اساس جدول الأعمال الذي أعده حتى لا يخرج الأخير في نهاية المحادثات الى الإعلان عن النتائج التي لن تكون في ظل الأجواء الراهنة لمصلحة ما أجمع عليه المؤتمرون في الحوار. ويؤكد الزوار ان زيارة الموفد السوداني بيروتودمشق لا تتجاوز الرغبة في تمرير الوقت، خصوصاً انه لا يحمل الى بيروت سوى عبارات من المجاملة التي تبقى قائمة حتى في أسوأ الظروف التي تمر فيها العلاقة بين البلدين، مشيرين الى ان السودان الذي يرأس حالياً الدورة العادية للقمة العربية ليس الدولة القادرة على رعاية اعادة ترميم العلاقة اللبنانية ? السورية. ويوضح هؤلاء ان دمشق لن تستقبل السنيورة إلا بشرط التزام قوى 14 آذار وقف الحملات الإعلامية والسياسية والامتناع عن مواصلتها التحريض على دمشق في المجتمع الدولي وتحديداً في الأممالمتحدة، مؤكدين ان الأجواء ما زالت غير مناسبة لحصول الزيارة في القريب العاجل وذلك لقطع الطريق على توظيفها من زاوية عدم امتثالها لقرارات الإجماع الوطني في الحوار. ويضيف الزوار ان العلاقة بين البلدين تمر حالياً بمرحلة انتقالية غير واضحة المعالم، وبالتالي لا يمكن الزيارة ان تكون ناجحة ما لم تبادر قوى 14 آذار الى الامتناع عن مخاطبة دمشق وكأنها ضعيفة او مستضعفة وأن الضغط الدولي الذي تتعرض له كفيل بانتزاع ما يريده هذا الفريق من القيادة السورية. مبادرة السفير السوري في لندن وبالنسبة الى مبادرة السفير السوري في لندن سامي الخيمي بطلب لقاء السنيورة، قال الزوار ان لا مشكلة في ابداء السفير رغبة في معاودة الاجتماع معه خارج اللقاء التقليدي مع السفراء العرب المعتمدين لدى بريطانيا. لكن هذا اللقاء لن يترجم سياسياً في أي مكان سوى إظهار مرونة امام المجتمع الدولي بأن لا مشكلة في عقد مثل هذا اللقاء. واعتبرت ان ما قاله اخيراً رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري لصحيفة"الثورة"السورية، عن السنيورة يكفي للتأكيد ان الزيارة ما زالت مستبعدة حتى إشعار آخر وإلا ما معنى قول الأول:"نتعامل مع إنسان موجود ولا يزال يبعث المراسيل عبر الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري ويرجو ويقول لن تجدوا افضل مني ويحاول ان يسوّق نفسه. هذا هو الواقع، في حين ان التعامل بين رجل دولة ورجل دولة آخر يجب ان يتمتع بحد مطلوب من الصدقية لأن رجل الدولة يمثل مصالح الدولة التي يمثلها، وهذا الإنسان لا يجسد هذا النوع بل هو رجل سياسة اكثر منه رجل دولة، ويقول عن نفسه انه قومي عربي وأنه من صيدا وكان له نضال، هذا الكلام ليس له وجود على ارض الواقع بكل أسف. وكلام عطري عن السنيورة جاء بعد ايام من زيارة بري دمشق، وبالتالي فإن توقيت نشر حديثه يكفي للإشارة الى ان مهمة بري صعبة إن لم تكن مستحيلة وإلا ما هو التفسير السياسي لهجوم رئيس الوزراء السوري على نظيره اللبناني والذي ينطبق عليه في مقارنة مع ما نقله الموفد السوداني عن لسان الرئيس الأسد المثل القائل"ضربة على الحافر وضربة على المسمار"!.