يعاود مؤتمر الحوار الوطني اللبناني جلساته اليوم في مقر المجلس النيابي، وسط توقعات بأن تكون الجلسة هادئة بعدما أدت اتصالات تحضيرية الى تجاوز تداعيات"الاشتباك"الذي حصل بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة فؤاد السنيورة، على هامش القمة العربية في الخرطوم، والإشكالات التي تفرعت عنه في بيروت، سواء تلك التي جرت بين الأخير ورئيس المجلس النيابي نبيه بري أو داخل مجلس الوزراء حيث أدت الى تعطيل جلسته الأسبوعية الخميس الماضي. راجع ص 6 و7 ويستأنف الحوار جلساته في ضوء تأكيد مصادر ديبلوماسية عربية في بيروت ل"الحياة"ان الرئيس المصري حسني مبارك يعد لجولة على دول عربية بينها سورية، تسبق استقباله في القاهرة نظيره الفرنسي جاك شيراك في 20 الشهر الجاري. وأوضحت المصادر ان مبارك يطمح الى ان تتزامن زيارته لدمشق مع تحقيق بعض التقدم على مسار العلاقات اللبنانية ? السورية، ليكون في إمكانه بالتعاون مع السعودية التدخل في الوقت المناسب، لدفع المفاوضات بين بيروتودمشق الى أمام، وصولاً الى تطبيع علاقاتهما. وتوقفت المصادر العربية امام مبادرة السنيورة الى استدعاء الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري، وإبلاغهش استعداده لوضع جدول اعمال لمحادثاته المرتقبة في دمشق، بعدما كان عبّر اثناء لقائه الرئيس بشار الأسد في الخرطوم، على هامش القمة العربية، عن رغبته في زيارة العاصمة السورية والاجتماع مع كبار المسؤولين فيها لمناقشة ملف العلاقات الثنائية، انطلاقاً من إجماع المؤتمرين في مؤتمر الحوار على إقامة علاقات ديبلوماسية مع دمشق، وتحديد الحدود بين البلدين، بما في ذلك في منطقة مزارع شبعا المحتلة. وعلمت"الحياة"ان السنيورة أطلع سفيري مصر حسين ضرار والسعودية عبدالعزيز خوجة على اجواء اجتماعه بخوري، ليكونا على بينة - كما تقول مصادر وزارية - مما يدور من تحضيرات لزيارته دمشق فور الانتهاء من إعداد جدول أعمالها. واستناداً الى هذه المعلومات، ينطلق التواصل بين السنيورة والسفيرين من رغبة الأول في أن يكونا في الصورة الكاملة للموقف اللبناني في شكل يتيح للقيادتين السعودية والمصرية، القيام بمسعى مشترك بين لبنان وسورية عندما تريان ان الظروف اصبحت مؤاتية لذلك. وأوضحت المصادر ذاتها ل"الحياة"ان السنيورة عرض مع خوري مجموعة من الأفكار التي يمكن ان تؤسس لإعداد جدول أعمال لمحادثاته في دمشق، نافية ان يكون موضوع السلاح الفلسطيني في لبنان، ضمن بنوده، وإن كان يعالج مع دمشق من خلال القنوات الديبلوماسية العربية، لما لديها من تأثير على الفصائل الفلسطينية التي تملك السلاح خارج المخيمات، باعتبارها منضوية تحت لواء قوى التحالف الفلسطيني الحليفة لسورية. ولفتت الى ان الأفكار التي عرضها السنيورة مع خوري، تتعلق بمسألتي تحديد الحدود وإقامة علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسورية، من خلال تبادل السفراء، إضافة الى افكار اخرى تتناول معرفة مصير اللبنانيين المفقودين في سورية، في ضوء الاعترافات التي ادلى بها اقاربهم الى لجنة وزارية شكلت لجلاء مصيرهم، وإعادة تقويم الاتفاقات المعقودة بين البلدين، انطلاقاً من معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق السورية - اللبنانية. وعن التنسيق بين البلدين في امور تتعلق بالأمن وبالسياسة الخارجية، قالت المصادر ان السنيورة يرغب في افضل العلاقات مع سورية، رافضاً ان يكون لبنان مقراً أو ممراً للتآمر على امنها، لكن هذا الأمر يحتاج الى تحضير و"المفتاح للولوج إليه يكمن في مدى استعداد النظام السوري لإعادة النظر في سلوكه حيال لبنان وفي الاتجاه الذي يسمح بالتنسيق في مجالات عدة، على قاعدة احترام استقلال لبنان وسيادته، ورفض العودة الى الممارسات السابقة، اذ كان يتلقى التعليمات من سورية وما عليه إلا التنفيذ من دون اعتراض". اما في شأن ملف رئاسة الجمهورية، فإن المصادر الوزارية اعربت عن اعتقادها بأنه ما زال يراوح مكانه، مشيرة الى ان هناك"صعوبة في تحقيق أي تقدم فيه، لكننا لسنا في وارد ربطه بإصرار الحكومة مدعومة من مؤتمر الحوار بإقامة علاقات ديبلوماسية وتحديد الحدود بين البلدين". وأوضحت ان الأكثرية تصر على مطالبتها باستقالة لحود او تنحيه، لكنها ضد تأجيل البحث في ملف العلاقات وتحديد الحدود بذريعة ان المفاوضات حول ملف الرئاسة وصلت الآن الى طريق مسدود. بكلام آخر، ترفض المصادر ان تتوقف الأكثرية عن مطالبتها بتحقيق ما أنجزه مؤتمر الحوار في خصوص الملف اللبناني - السوري، تارة بذريعة إخفاق الأكثرية في التوافق مع التحالف الشيعي المؤلف من"حزب الله"وحركة"أمل"، إضافة الى"التيار الوطني الحر"بقيادة العماد ميشال عون، على مخرج يقود الى إرغام لحود على الاستقالة، وتارة أخرى بذريعة ان الأولوية الآن يجب ان تعطى لمعالجة مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. وتضيف ان الأكثرية في البرلمان نجحت من خلال موقف رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري في فصل جريمة اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري عن مسار العلاقات اللبنانية - السورية، كما نجحت في قطع الطريق على من يحاول ربط حل قضية السلاح الفلسطيني كأساس للبحث في هذه العلاقات. وإذ تبدي المصادر ذاتها ارتياحها الى جولة الأمين العام ل"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"احمد جبريل على الرئيسين بري والسنيورة والأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله والحريري، فإنها تتخوف من ان يكون الهدف السوري من وراء زيارته"اشغال الأكثرية بالسلاح الفلسطيني لمنعها من التصدي إيجاباً للعلاقات اللبنانية - السورية". كما تتحسب لمطالبة جبريل ربط موافقته على جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات بإقرار الدولة اللبنانية فوراً الحقوق المدنية للفلسطينيين، ومباشرة تنفيذها، إذ تعتقد المصادر بأن هذا الطرح يعني تجميد جمع السلاح الى حين الانتهاء من إقرار التشريعات في المجلس النيابي، ليكون في إمكان اللاجئين مزاولة مهن لا تزال القوانين الحالية تمنعهم من مزاولتها، وقد لقي معارضة من السنيورة.