نورا جنبلاط أوّل المراهنين على عودة البهجة إلى ليالي الصيف في لبنان. قبل عام، كانت مديرة"مهرجانات بيت الدين"تتهيأ للاعلان عن برنامج هذه التظاهرة المرموقة التي تديرها منذ تسعينات القرن الماضي، حين انفجرت عبوة قاتلة تحت سيارة سمير قصير، ولفّ المدينة وأهلها حداد طويل. لكن ها هي نورا تعود إلى المنصّة نفسها، وتجلس إلى يسار نقيب الصحافة محمد البعلبكي، محاطة بموريس صحناوي ووفاء صعب، زميليها في اللجنة المشرفة على المهرجان، وبضيفة الشرف في بيت الدين هذا الصيف، المطربة اللبنانيّة ماجدة الرومي، لتعلن عن برنامجها لهذا الصيف. إدارة"بيت الدين"هي السبّاقة إذاً، هذا الموسم، في بورصة المفاجآت التي تحملها مهرجانات الصيف في لبنان لجمهور واسع يتجاوز حدود لبنان، في انتظار"بعلبك"وپ"بيبلوس"وغيرهما. يبقى أن تسمح الظروف السياسيّة بعودة حركة السياحة إلى البلد الذي لم تعد مهرجاناته الدوليّة تحتكر الريادة في المنطقة، بعد أن دخلت دبي السباق، وبعد انبعاث"مهرجان قرطاج"التونسي وتجذر مواعيد أخرى في مصر والمغرب وفلسطين! في جعبة نورا جنبلاط هذا الصيف بعض المفاجآت، وبعض الرهانات التي أخذ المهرجان على عاتقه اطلاقها، من باب دعم الانتاج المحلّي خلال موسم بيت الدين أو خارجه، إذ انتج، الشتاء الفائت، آخر مسرحيات عمر راجح الراقصة، على سبيل المثال. مغنّي البوب البورتوريكي ريكي مارتن يفتتح المهرجان في وقت مبكر، من قاعة البيال في بيروت 27/5، قبل أن يمضي إلى تل أبيب حيث يتخوّف متعهدو حفلته من قلة اقبال الجمهور! ويبدو برنامج بيت الدين متنوّعاً، يراعي مختلف الأذواق، ويجمع الأسماء العالميّة بالنجوم الصاعدة في خليط مرهف. حصّة الرقص ستكون كبيرة هذا الصيف في قصر الأمير بشير الشهابي الثاني الكبير. من نجمة الباليه الفرنسية سيلفي غيلام في استعراض بعنوان"بوش"ادفع يحمل توقيع روسل ماليفان وفيه من الباليه بقدر ما فيه من الرقص الحديث، مروراً باستعراض الايقاعات الذي تقدّمه فرقة"ستورم"العائدة إلى بيت الدين 26-29/7، وصولاً إلى عرض كارلوس أكوستا"توكورورو"الذي ينتمي إلى البايه اللاتيني 16-17/8. ويخصّ مهرجان بيت الدين موسيقى الجاز والبلوز بتحيّة خاصة، من خلال برنامج متنوّع يجمع"رباعي"رافي كولتراين إلى المغنية الأميركية الشابة شيميكا كوبلاند التي أطلقت عليها الصحافة لقب"تينا تورنر الجديدة"، وصولاً الى فرقة"زي بلوز كويست"اللبنانيّة التي تضم عبود السعدي وإميل بستاني وهراتش قسيس وعيسى غريّب وهاني علايلي ونضال أبي سمرا 4/8. ولعلّ هذا الموسم في بيت الدين، هو موسم المغنيات بامتياز. إذ ستقف على المسرح النجمة الأميركيّة الشهيرة ليزا مينيللي 23/7 التي تستعيد - مكللة بسنواتها الستين - لحظات هوليووديّة أسطوريّة في ذاكرتنا، منها ذلك العناق الصعب والصاخب مع روبرت دينيرو في فيلم شهير لمارتن سكورسيزي بعنوان"نيويورك نيويورك". وسيكون الجمهور على موعد مع المناخات الافريقيّة في لقاء ثنائي من نوع خاص: المغنية البينينية أنجليك كيدجو والعازف البوركيني/ السنغالي الشية لو. ومن الجزائر تأتي إلى بيت الدين المغنية سعاد ماسي 5/8 التي يعرفها الجمهور اللبناني جيّداً، خلافاً لما ذكرته السيدة جنبلاط في مؤتمرها الصحافي يوم أمس. فقد رقص عمر راجح على احدى أغانيها، واستعملتها رندا الشهّال في فيلم"طيّارة من ورق"، ووقفت قبل عام لتذهل جمهور"ميوزيك هول"في بيروت. وحصّة الأغنية اللبنانيّة من البرنامج، أمسية مع ماجدة الرومي 12/8 التي تعود بعد انقطاع دام تسع سنوات عن بيت الدين. في المؤتمر الصحافي كانت ماجدة مقلّة في الكلام، حيّت جهود المهرجان وتمنّت له النجاح على رغم الظروف، عسى النهضة الفنيّة تنطلق"في انتظار القيامة السياسية للبنان". وطبعاً يمكن التساؤل: أي قيامة تقصد، في الاطار المحلّي الشائك؟ ذلك أن المغنيّة معروفة بقربها من قوة سياسيّة تتعارض حالياً مع الخط الذي ينتهجه زعيم هذه المنطقة من لبنان، وهو ليس ببعيد من"مهرجانات بيت الدين". عسى الفنّ يجمع حيث تفرّق السياسة.