من الاخبار التي تدعو الى السرور أن افيغدور ليبرمان ليس شريكاً في الحكومة الجديدة على رغم استماتته. فهذا الذئب الكاسر لم يحتسب حيل الثعلب. وفي مستطاع ايهود اولمرت التلاعب بهذا المحتال الفظ. وفي اللحظة الاخيرة ترك ليبرمان على الشاطئ يحدق، بعينين حزينتين، الى الاعلام المرفرفة على السفينة المبحرة. وفي ذروة غضبه، خلع قناع الوداعة، ودعا في اول خطاب له، في الكنيست، الى إعدام أعضاء الكنيست العرب بتهمة اجتماعهم الى اعضاء في الحكومة الفلسطينية. وخبر ثانٍ هو ترك شاوول موفاز وزارة الدفاع. فملك اسلوب"الاغتيالات المركزة"سقط من السطح العالي لوزارة الدفاع الى البئر العميقة لوزارة المواصلات. ويعتور هذه الفرحة قلق عميق. فليس من اليسير اعتياد عبارات مثل"وزير الدفاع عمير بيريتس". فمنذ اليوم، على بيريتس تحمل مسؤولية ارداء سائق اجرة فلسطيني قرب حاجز أو قتل امرأة في فراشها. والخبر الثالث أن الحكومة مدنية. فالذين يتولون المناصب الاربع البارزة، رئيس الحكومة ووزير الدفاع ووزير المال والخارجية، من المدنيين وهذا، لا شك، علامة نضج ورشد. وبين الوزراء الخمسة والعشرين هناك جنرالان موفاز وبن اليعيزر. وهما يتوليان وزارتين أقل مرتبة من المناصب الأربعة. وعدد المسؤولين السابقين في جهاز الأمن الداخلي الشباك، مثل جدعون عزرا، وآفي ديختر ورافي ايتان أكثر من عدد نظرائهم في الحكومات السابقة. ولكن حكومة مدنية قد تكون رهينة قوة الجنرالات، وقد تحمل على الادلال بقدراتها العسكرية. فهل يسع هؤلاء المدنيين عصيان رئيس الاركان، وهو شريك في جلسات الحكومة كلها، ويملي سياستها باسم"الأمن"؟ ولعل خير الأخبار وأحسنها هو كلام الحكومة، بالفم الملآن، على"تقسيم أرض اسرائيل"، وعلى الجلاء عن"معظم يهودا والسامرة"، وتفكيك المستوطنات. وهذا قرينة على تغير كبير طرأ على الرأي العام. ولا ريب في أن آفي ايتام الزعيم العنصري، صرخ:"لا وجود لغالبية يهودية تدعم الانسحاب". والحق أن 58 نائباً في الكنيست يؤيدون الانسحاب. وعلى خلافهم، يعارضه 50 عضو كنيست يهودياً. فيبقى 12 نائباً من العرب يؤيدونه. وعليه، ففي الكنيست غالبية ساحقة تعد 70 نائباً يؤيدون تقسيم اسرائيل، نظير 50 يعارضونه. وانما ثمة غالبية يهودية كبيرة من 58 ضد 50. وهذا تغير جيولوجي في الرأي العام. واقترف اولمرت خطأه الأول حين لم يشرك أحد الناطقين باللغة الروسية في الحكومة. فأكثر من مليون مهاجر من الاتحاد السوفياتي السابق حملوا المشاعر العنصرية من بلدهم الأول يلفون انفسهم على هامش اليمين. وهذا مصدر تهديد كبير. عن اوري افنيري عضو كنيست سابق وناشط من أجل السلام،"معاريف"8/5/2006