في الفضائيات العربية زحمة برامج غنائية وكلها تتنافس على إطلاق النجوم، شباناً وشابات. ويحار المشاهد أي برنامج يتابع وأي"متبار"أو"متبارية"يختار مستخدماً الهاتف الخليوي ومتغاضياً عن الكلفة التي يتوجب عليه تحملها. اما الطريف فإن عائلات"المتبارين"وأصدقاءهم وحتى جيرانهم يتدخلون جميعاً في هذا السباق المحموم ويتنادون لدعم المرشحين والمرشحات. ظاهرة لافتة حقاً تذكّر بالنشاطات العائلية او القبلية والعشائرية. وهكذا لا يكون للفن دور أساسي. والويل للمتباري الذي لا يملك عائلة كبيرة وقبيلة وأصدقاء... فهو لن ينال من الأصوات ما يكفيه للفوز باللقب. والأكثر طرافة في الأمر ان المواطنين يتحمسون لأبناء وطنهم حتى وإن كانت اصواتهم وإطلالاتهم عادية. وهكذا يغدو التصويت مثل حملات التعبئة التي تقام لنصرة ابناء الوطن. والبلد الذي ينعم بالعدد الكبير من المواطنين يكون دوماً قادراً على دعم متباريه ومنحهم الأمل بالفوز. لكن النتائج التي شهدناها سابقاً لا تدل كثيراً على مثل هذه الحال، ما يؤكد ان النتائج قابلة دوماً للتبدل من خلال لعبة مجهولة وخفية تفعل فعلها في اللحظات الأخيرة. فالأرقام التي يبثها الكومبيوتر هي عرضة دوماً للأيدي التي تبدل وتلعب. هكذا يبدو التصويت عرضة لبعض التلاعب الذي يحترفه القائمون على البرامج انطلاقاً من حسابات صغيرة وربما كبيرة. إلا ان السؤال الذي لا بد من طرحه هو: علام يتنافس المتبارون والمتباريات ومعهم الجمهور بل الجماهير التلفزيونية؟ الجواب الشافي على مثل هذا السؤال يكمن في البحث عن"النجوم"السابقين الذين فازوا وعن أحوالهم والموقع الذي أوصلهم إليه فوزهم بلقب"النجومية". ملحم زين الذي شغل اهل الفن والإعلام والسياسة اصبح"مطرب مطاعم"وغابت موهبته الصوتية في الضجيج الفني. ديانا كرزون بدورها لم تستطع ان تمضي في غنائها فتقدم جديداً كما كان متوقعاً لها. محمد عطية الذي فاز قبل سنتين يكاد يغيب عن الساحة الفنية وكأن شيئاً لم يكن... وهكذا دواليك. يصعد النجوم بعد ان ينتخبهم الجمهور ويتبارى في انتخابهم... ثم لا تمر سنة او سنتان حتى ينطفئوا وتنطفئ أحلام الجمهور بهم متحولين مغنين عاديين يعملون في المطاعم والنوادي الليلية، وكأن الهدف هو حصد المال بسرعة، وهذا اصلاً ما باتت تعنيه النجومية في هذه الأيام. من"ستار اكاديمي"الى"نجم الخليج"فإلى"سوبر ستار"وسواها من البرامج، يكثر المتبارون وتتدفق اتصالات الجماهير فيخسر من يخسر ويفوز من يفوز... لكن النهاية تكون واحدة دوماً! أليس هذا ما لمسه الجمهور لمس اليقين؟