اقترحت "جبهة التوافق" السنية انشاء وزارة دولة للشؤون الخارجية تتولى ادارة ملف العلاقات بين العراق والدول العربية في محاولة للخروج من ازمة تقاسم الحقائب الوزارية السيادية الخمس: الخارجية والدفاع والداخلية والمال والنفط بين الكتل السياسية الثلاث "التوافق"السنية و"الائتلاف"الشيعي و"التحالف الكردستاني". وتزامن ذلك مع اعلان الأكراد رغبتهم في الاحتفاظ بوزارة الخارجية التي تولاها هوشيار زيباري في السنوات الثلاث الماضية، في حين اكد نائب الرئيس عادل عبد المهدي بعد زيارة للمرجعية الشيعية في النجف ان المرجع الاعلى علي السيستاني يؤيد انهاء الوجود الاجنبي في العراق تدريجاً. وقال ظافر العاني، الناطق باسم"جبهة التوافق"ل"الحياة"ان الجبهة اقترحت انشاء وزارة دولة للشؤون الخارجية لتتولى الاهتمام بالدائرة العربية على ان تهتم وزارة الخارجية بالعلاقات الدولية. واضاف ان"هذا الاقتراح قيد الدراسة مع الكتلتين الشيعية والكردية على ان تترأس هذه الوزارة المستحدثة"شخصية من خارج الكتلة الكردية وتهتم بدعم مصالح العراق مع محيطه العربي لا سيما ان معظم العراقيين هم من العرب". وزاد العاني ان هذه الوزارة ستنهي الجدل الدائر حول منصب الخارجية ومن يقودها، رغم ان"التوافق"لا ترى أي اشكالية في تولي شخصية كردية هذا المنصب، وتعتبر ان الخارجية - وهي وزارة استراتيجية - ليست بالأهمية نفسها مقارنة بالوزارات الامنية والخدمية بالنسبة الى الشعب العراقي لا سيما في الوقت الراهن. وترى القيادات السنية ان الانفتاح العربي على العراق مقترن بتسلم هذه القيادات المناصب الديبلوماسية لا سيما بعدما تنازلت عن رئاسة الجمهورية للأكراد. ورفض العاني الادلاء بأية تفاصيل حول المطالب التي قدمها السنّة الى رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي بشأن الحصص الوزارية التي يرغبون في الحصول عليها. وقال ان هذه الطلبات قابلة للتغيير ولا يجوز الاعلان عنها حالياً. لكنه اكد ان منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الامنية يفترض أن يكون من نصيب"جبهة التوافق"بحسب اتفاق مسبق بين جميع الكتل السياسية. وقال:"منصب نائب رئيس الوزراء الذي سيقود الملف الامني حسم بالاتفاق بين الجميع لصالحنا منذ مفاوضات تشكيل الحكومة التي سبقت اختيار المناصب الرئاسية العليا". واستطرد العاني:"ليس من حق أي كتلة ان تنازع التوافق على هذا المنصب لان ذلك سيكون تراجعاً عن الوعود المتعلقة بصفقة تقاسم المناصب التي اتفقنا عليها. وكانت"القائمة العراقية"الوطنية رشحت زعيمها اياد علاوي لهذا المنصب. وأشار العاني الى ان الكتل السياسية لم تتفق بشكل قاطع على عدد النقاط المتوجبة لكل منصب استناداً الى مقاعدها البرلمانية، وان ما يدور حول عدد النقاط للحصول على منصب معين هو مجرد مقترحات، وتابع ان المفاوضات الحالية تتركز على الاتفاق حول طريقة حساب هذه النقاط بشكل عادل بين الجميع، وان وضع النقاط لكل منصب يستند الى امرين هما: الصلاحيات المناطة بالمنصب ومدى ارتباطه بالمصالح الحيوية، لافتاً الى ان منصب رئيس الوزراء، الذي حصل عليه الشيعة نتيجة غالبيتهم البرلمانية، يملك الصلاحيات الواسعة لادارة الحكومة وبالتالي يجب ان تتضاعف نقاطه التي ستسقط من عدد مقاعد"الائتلاف"قياساً الى المناصب الاخرى. وكان النائب السني حارث العبيدي صرح ل"الحياة"ان"التوافق"رشحت رافع العيساوي لمنصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الامنية، واعرب عن رغبة كتلته في الاحتفاظ بحقيبة الدفاع. الى ذلك قال العضو في"الائتلاف"عن"حزب الدعوة"علي الاديب ل"الحياة"ان القائمة الشيعية تصر على الاحتفاظ بوزارة الداخلية من دون ذكر المرشح النهائي لشغلها، فيما اعلنت مصادر"الائتلاف"ان"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"و"منظمة بدر"جددا ترشيح الوزير الحالي باقر الزبيدي بينما رشح المستقلون في المقابل قاسم داود. وأكد الاديب ان الطلبات المقدمة للمالكي ستتعرض للغربلة وليست نهائية الى حين الانتهاء من التوافقات حيالها بين الكتل ويعقب ذلك اجتماع قيادات الكتل مع المالكي قبل أن يعلن الاخير تشكيلة حكومته، واشار الى ان ذلك قد يستغرق اكثر من اسبوعين، علماً ان امام رئيس الوزراء المكلف مدة شهر لتقديم حكومته لنيل ثقة مجلس النواب واذا لم يحصل ذلك يكون على رئيس الجمهورية جلال طالباني، حسب الدستور، تكليف مرشح آخر. من جهته، أكد عضو البرلمان عن الكتلة الكردية عبد الخالق زنكنة ل"الحياة"ان كتلته ابلغت المالكي اصرارها على الحصول على منصب أحد نواب رئيس الوزراء اضافة الى احدى الوزارات السيادية مقترحة وزارة الخارجية واشار زنكنة الى ان الكتلة رشحت روز نوري شاويس وبرهم صالح ليتولى احدهما منصب نائب رئيس الوزراء، بالاضافة الى مطالبتها بتجديد ولاية هوشيار زيباري للخارجية. وقال ان المفاوضات الجارية في اربيل اليوم امس بين الحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني والحزب الديموقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني اظهرت رغبة الاكراد في الحصول على وزارة الخارجية رغم ان هذا ليس خطاً احمر ولا يزال خاضعا للحوار. واضاف زنكنة ان القيادات الكردية ترى ومن خلال الكفاءة التي اثبتها زيباري اثناء توليه هذه الحقيبة، قدرة الاكراد على الاحتفاظ بهذه الوزارة وعزا ذلك الى دافع زيباري"الوطني"وليس"القومي". وافاد زنكنة ان التحالف الكردي سيحصل على ست وزارات في الاقل. واكد القيادي الكردي محمود عثمان ان هذا العدد هو بحسب الاستحقاق الانتخابي في حال تشكيل الحكومة من ثلاثين وزارة، واوضح ل"الحياة"ان الاكراد يفضلون الحصول على الخارجية او النفط او المال بدل الفوز بالوزارتين الامنيتين الدفاع والداخلية. من جانبه، أكد العضو في"قائمة"اياد علاوي الشيخ حسين الشعلان ان"القائمة"تفضل ان لا تضطر الى الخروج من التشكيلة الوزارية الى المعارضة كما فعلت مع حكومة ابراهيم الجعفري. وقال ل"الحياة"ان القائمة العراقية الوطنية لم تقدم طلباً الى المالكي بخصوص المناصب التي ترغب فيها لأنها مازالت تتحاور مع الكتلتين الشيعية والسنية حول ابعاد المحاصصة الطائفية في تقاسم الوزارات واللجوء الى احتساب الحصة الوطنية. واستطرد ان الكتلتين المذكورتين تتفهمان موقف"القائمة العراقية"وتصران على اشتراكها لكن بعض جهاتهما مصرة على الفوز بالمناصب قياساً لمبدأ المحاصصة. وزاد الشعلان ان قائمته التي لا تقبل ان تحسب على طائفة معينة لم تحدد موقفها بعد لكنها ترغب في ان يكون لها مكان فاعل في الحكومة الدائمة، ولفت الى ان موقف"القائمة"النهائي سيعلن في اليومين المقبلين. وفي النجف اكد نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي في مؤتمر صحافي عقده في وقت متأخر من يوم الخميس، بعد لقاءات عدة اجراها مع المرجع الديني الاعلى علي السيستاني والزعيم الشيعي مقتدى الصدر بالتزامن مع اجتماعات مماثلة لرئيس الوزراء المكلف نوري المالكي ان المرجعية الدينية مع انهاء الوجود الاجنبي تدريجياً وبرعاية الحكومة العراقية، مشيراً الى ان اجتماعه مع السيستاني ناقش ملف المهجرين من الشيعة والسنة بين مختلف المناطق وآليات معالجته. ورداً على سؤال عن نظرة الحكومة العراقية لآفاق العلاقة مع ايران قال عبد المهدي ان ايران بلد مهم وشقيق ونحن نريد ان نقيم أفضل العلاقات معها لا سيما أن ايران وقفت مع الشعب العراقي في لحظات عصيبة. ولفت الى ان العراق منشغل في قضاياه الداخلية ولم يدرس ملف ايران النووي وتأثيراته على المحيط الإقليمي. وحول دعوة السيد عبد العزيز الحكيم زعيم"الائتلاف"الشيعي الى حوار ايراني اميركي بشأن العراق، قال عبد المهدي:"نحن نشجع أي محاولة لجعل العراق ارض سلام بما يمكن ان يقود الى تحسين الأوضاع فيه، مشدداً"لا يمكن ان نسمح لأحد ان يستهدف دولة مجاورة كإيران من جانب العراق".