لم تشهد الساحة الفنية العربية طوال العقود الماضية انحداراً في مستوى كلمات الأغاني كما يحصل اليوم. فجميلات"البلاستيك"والدخيلات على عالم الغناء اخترن لغة رخيصة من اجل تسويق أنفسهن ولو على حساب الذوق العام. الافتتاحية كانت مع مغنية الحصان نجلا التونسية التي غنت"بح"وفي حينها منع بث فيديو كليب الأغاني لما يتضمنه من مشاهد فاضحة وكلمات سفيهة ثم توالت الأغنيات الشبيهة ل"بح"حتى بلغت الذروة مع دانا بأغنية"أنا دانا أنا دندن فتح عينيك تاكل ملبن"، و"الفرفورة"لدومنيك حوراني التي قدمت أخيراً تحفة فنية هي"واوا آح"أرادت أن تنافس من خلالها هيفا وهبي التي أطلقت أغنية"بوس الواوا"التي انتشرت في شكل سريع بين جمهور الشباب. هيفا التي صورت الأغنية أخيراً على طريقة الفيديو كليب، تعرضت في الآونة الأخيرة إلى عدد من الانتقادات بسبب كلمات الأغنية الجديدة. ترى ما الذي جعلها تلجأ إلى غناء هذه الكلمات علماً أنها قدمت منذ احترافها الغناء أغاني جميلة كلاماً ولحناً؟ وبعيداً من هيفا، تطلّ هذه الأيام على قناة"ميلودي"الشابة اللبنانية جيني التي تقدم أغنية"تربتتي تربتتو". و"ميلودي"تعتبر المصدر الأول لهذه الأغاني السطحية والسخيفة. حتى ماريا، صاحبة"إلعب"، قررت أن تقدم قريباً أغنية جديدة تحمل كلمات هابطة. أيام الزمن الجميل، كان الشخص الذي يؤدي أغاني انتقادية أو خفيفة يطلق على نفسه لقب مونولوجيست وليس مطرباً كما يحلو لمن أرادوا الغناء اليوم أن يطلقوا على أنفسهم. عندما ظهرت في مطلع السبعينات أغنية"حبيبي بحب التش"قامت الدنيا ولم تقعد، وصاحبة هذه الأغنية لم تعد الكرة ثانية. لكن القاعدة انقلبت اليوم. الكل يفاخر بأن"الواوا""ضربت"والجمهور كباراً وصغاراً يرددون هذه الكلمة علماً ان النجاح السلبي مضر ويعود بآثار عكسية على صاحبه. كما إن المطربين بدأوا يلجأون إلى غناء كلمات نافرة كي يجذبوا الناس. نجاح أغنية"التنورة"لفارس كرم جعل زملاءه يسعون إلى تقديم أغان مشابهة في المضمون. وها هو المطرب غسان خليل الذي ابتعد لسنوات عن الساحة الفنية، يختار العودة مع أغنية"شلحت لبست". من يتابع الوسط الفني يستطيع حكماً أن يطرح سؤالاً أساسياً: لا نعرف إلى أين ستصل حال بهؤلاء المغنين؟ وهل فعلاً الأغنية العربية تحتضر أم ما زلنا نتأمل خيراً خصوصاً عندما تنجح أغان مثل"اعتزلت الغرام"لماجدة الرومي"وشو هالحلا"لنجوى كرم و"آسفة"لأصالة، و"أتحدى العالم"لصابر الرباعي، وغيرها من الأغاني الحقيقية... نجاح هذه الأغاني الأخيرة ليس إلا دليل على أن الجمهور ما زال يتمتع بأذن سليمة على رغم كل التشويش المؤذي الذي يحيط مسامعه.