من تابع إطلالات نجوى كرم الأخيرة، لن يتفاجأ كثيراً بألبومها الجديد"كبر الحب"الذي يتضمن 8 أغان، جميعها من لون واحد اشتهرت به سابقاً وعادت إليه بقوة هذه المرة. كانت المطربة اللبنانية تحرص في كل جديد على خوض تجارب مختلفة، من"عطشانة"إلى"ولهانة"وپ"عاشقة"، وصولاً إلى"أوعا تكون زعلت"، حاولت نجوى تطعيم لونها اللبناني بألحان ونكهات"غريبة"من الهندي إلى الراب وغيرها... ونجحت فيها. لكنها أخيراً أعلنت:"لن أغدر باللون الذي أحبني به الناس. أرى نفسي بارعة في لهجتي فلماذا أغني بلهجات لا أجيدها وأنا لو فعلت ذلك سيكون إهمالاً للهجتي الأصلية وتعدياً على اللهجات الأخرى". في"كبر الحب"، لم تحمل الأغاني أي جديد من هذا القبيل، ولعلّ"كبر الحب"وپ"شو هالحلا"هما العملان الوحيدان اللذان ابتعدا عن اللون التقليدي. غريب أمر هذه المطربة، استطاعت أن تخلق لنفسها مكانة محصنة من لون واحد. قد يبدو أسلوبها مكرراً عند مستمع هامشي، لكن المفارقة تكمن في قدرتها على الدفاع عن لون واحد في وقت يحاول زملاؤها تبرير انتقالهم إلى ألوان متعددة، إلى التنويع واستقطاب شريحة جديدة من الجمهور. نجوى رفضت مبدأ التنويع إلا في حدود ضيقة، واختارت اللون البلدي هوية راهنت عليها كثيراً، وكسبت رهانها في معظم الأحيان. في الألبوم، عودة حميدة إلى عماد شمس الدين. قدم هذا الأخير أربعة اغان إلى كرم، بعد شبه انقطاع. وحمل شمس الدين أعماله الثلاثة"قفشات لبنانية"تختص بها لهجتنا المحلية، مثل"عينيك شغلة"، وپ"بس ولو بلا ولدني"،"زعلان مني بلا شو". وإذا كانت الجمل اللحنية التي اختارها موفقة وقريبة من القلب، لكنها لم تتفوق على نصوص تلك الأغاني التي حملت تميّزاً في الكلمات المنتقاة والمواضيع المطروحة. وأغاني"بخاف من المي"،"ما بينشبع"، وپ"بحبك ولع"قدمتها كرم منفردة وصورتها على طريقة الفيديو كليب، تؤكد صحة نظريتها في حرصها على"الهوية الغنائية اللبنانية". فأعمالها تندرج في خانة"السهل الممتنع"الذي قد يسهل تقليده، لكن يصعب ضمان نجاحه مع صوت وأداء غير نجوى كرم. مع وسام الأمير، تعود صاحبة"أنا ما فيي"إلى نجاح ألبوم"سحرني"، وبراعة ذلك الملحن في تجديد اللون البلدي اللبناني. فكانت أغنيتا"همسة همسة"كتبها نزار فرنسيس، وعلى كرم التعاون معه كثيراً في ظل غياب تعاملها مع سمير صفير، ولأن الثنائي يملك خصوصية محلية فريدة، وپ"ثالث مرة"التي كتبها منير بو عساف. وتبقى أغنية طارق أبو جودة"كبر الحب"الكلاسيكية الهادئة، وأغنية"ما بينشبع"البلدية التي لحنها شاب جديد هو ريشار نجم. احترام الجمهور وعودة نجوى كرم إلى الفولكلور اللبناني ترافقت مع عودتها الى الفيديو كليب الذي قررت منذ سنوات التخلي عنه. وإذا كانت كرم نجحت مع سليم الترك في"بحبك ولع"، فقد أخفقت معه في"بخاف من المي"الذي جاء باهتاً خفيفاً، لم يروّج له كثيراً بطلب منها. وهي بدأت عقد جلسات مع سعيد الماروق لتصوير"كبر الحب". نجوى كرم التي تستمع كثيراً إلى آراء الجمهور وتحترمها، تطالب اليوم بتنظيم الساحة الغنائية من طريق إصدار بطاقات هوية لكل من يحمل صفة"مطرب"،"إذ تتولى لجان فنية إصدار مثل هذه البطاقات في كل بلد عربي... نحتاج إلى إعادة ترتيب الأصوات، فلا يحصل على بطاقة المطرب التي لا تباع ولا تشترى، إلا كل من تتوافر فيه هذه الصفة فعلاً، وأن يعترف بهذه البطاقات من طريق وزارات الإعلام والسياحة العربية التي يجب عليها رفض التعامل مع من لا يمتلكون هذه البطاقات". من يستمع إلى نجوى تغني"آمنت بالله"يكتشف مناطق كامنة في تلك الحنجرة القوية التي لا تضعف، لذا عليها المجازفة من جديد وتقديم ألوان مختلفة، وما نجاح أغنية"شو هالحلا"التي خرجت فيها نجوى عن أدائها الكلاسيكي مع موزع الأغنية هادي شرارة إلا دليل على ذلك... وحتى لو كانت مكانتها محصنة بسهل ممتنع، لكن كثراً يعترفون بقدرة صوتية كبيرة تخفق اغانيها في إظهارها أحياناً كثيرة!