بدت الحكومة الموريتانية الحالية مختلفة، في ترتيب أولوياتها، عن الحكومة السابقة للرئيس معاوية ولد الطايع الذي أطاحه انقلاب عسكري في آب اغسطس الماضي. الأولوية الآن لتلبية احتياجات السكان، لا"الحرب على الإرهاب". ففي احتفال بسيط، سلّم الأمين العام للحكومة الموريتانية باصيدو موسى سكان أحياء شعبية في نواكشوط عشرات الصهاريج بهدف حل مشكلة العطش التي تعرفها أحياؤهم التي لا تصلها إمدادات المياه الجارية. قد يكون الحدث اعتيادياً لو لم تكن السيارات المعنية كانت مُعدّة قبل"تغيير 3 أغسطس"لقاعدة لمغيطي العسكرية شمال البلاد على الحدود مع الجزائر التي واجهت هجوماً تبنته"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"الجزائرية."إنهم مختلفون. يريدون الاهتمام بالقضايا الأكثر إلحاحاً"، يقول عمدة أحد أحياء نواكشوط المستفيدة من المساعدات الحكومية مُميّزاً الحكومة الحالية عن الحكومة السابقة. ويضيف:"مشكلتنا مع الجماعات السلفية سببها النظام السابق، والمشكلة اليوم تكمن في توفير احتياجات الناس. توفير الماء أهم من حرب وهمية على ما يسمونه إرهاباً"، في إشارة الى الموقف المتشدد الذي سلكه النظام السابق ضد جماعات إسلامية قال انها متورطة في"الإرهاب". إلا أن الرئيس الموريتاني أعلي ولد محمد فال لا يزال يعتبر الحرب على الإرهاب مستمرة. وهو أثار ضجة كبيرة قبل أيام حين وصف 7 من المعتقلين الإسلاميين بأنهم جزء من تنظيم"القاعدة"، الأمر الذي دفع بأقاربهم وأنصارهم الى التظاهر والتنديد بتصريحاته. إلا ان حرب النظام الحالي على"الإرهاب"تختلف شكلاً، كما يبدو، عن تلك التي كان يتبناها نظام ولد الطايع حيث كانت تذهب كل القدرات والإمكانات تقريباً الى الشق الأمني. ويقول مصدر أمني فضّل عدم كشف هويته ان النظام الحالي يقوم ب"متابعة حقيقية للجماعات الإسلامية لكن بطريقة مهنية احترافية لا تخلط بين المتهم والبريء ... نحن نعرفهم جميعاً وهم تحت المراقبة". وتحويل الصهاريج من الجيش الى السكان ليس العملية الوحيدة التي تبنتها الحكومة الحالية في سعيها الى توجيه إمكاناتها لحل المشاكل اليومية للناس. إذ حض الرئيس ولد محمد فال، في لقاء جمعه أخيراً بكبار موظفي الدولة، على مواجهة الفساد الذي يكاد يعصف بالبلاد في وقت تستعد فيه لاستقبال موارد كبيرة، في إشارة الى عائدات النفط الذي بدأت موريتانيا في تصديره في شباط فبراير الماضي. ونقلت وكالة أسوشيتد برس السبت عن الرئيس ولد محمد فال قوله في مقابلة معها إن الولاياتالمتحدة يجب ان تحاكم ثلاثة موريتانيين معتقلين في غوانتانامو إذا كانوا قد خرقوا القانون الأميركي، وإلا فإن عليها منحهم حقوقهم. والثلاثة الذين كشفت وزارة الدفاع الأميركية اسماءهم قبل أيام هم محمد الأمين محمد، وأحمد ولد عبدالعزيز، ومحمدو ولد صلاحي. والأخير سلمته حكومة الرئيس ولد الطايع الى الأميركيين عام 2001، في حين يقول حقوقيون إن عبدالعزيز اعتُقل في أفغانستان ومحمد في باكستان.