يثير الاتفاق بين رئيس الحكومة الاسرائيلية بالوكالة المكلف تشكيل الحكومة الجديدة ايهود أولمرت وزعيم حزب"العمل"عمير بيرتس بتعيين الأخير وزيراً للدفاع في الحكومة الجديدة، موجة من ردود الفعل المتباينة في اسرائيل تدور أساساً حول أهلية الرجل لتبوؤ ثاني أهم منصب في الدولة العبرية التي تضع، منذ انشائها، القضايا الأمنية في رأس سلم اهتماماتها، وذلك على خلفية حقيقة ان بيرتس يفتقر الى الخبرة العسكرية وسجله خالٍ من الأوسمة أو من معارك قادها، كما سجلات معظم من شغل هذا المنصب في الماضي. وتحوّل التعيين المرتقب الى أشكال من النكات والتنذر أعادت الى أذهان الاسرائيليين وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي المغربي المولد ورب عائلة كثيرة الأولاد والذي تعرض الى الاستهزاء لمجرد عدم اتقانه اللغة الانكليزية وافتقاره الى شهادة جامعية. ورداً على سؤال اذاعي وجه لأحد نواب"العمل"ليس محسوباً على أنصار بيرتس عما اذا كان الأخير رأى في حياته رصاصات تمر قرب رأسه في احدى المعارك، أجاب النائب ان الرصاصات الوحيدة التي عرفها هي"كرات تنس الطاولة"وفي هذا تلاعب لفظي اذ ان لكلمة"كدور"العبرية معنيين الأول رصاصة والثاني كرة. واستبدلت صحيفة"هآرتس"الشارب في صورة بيرتس ببندقية. ويبقى السؤال المركزي يدور حول الصلاحيات الحقيقية الفعلية التي يتمتع بها وزير الدفاع في الحكومة الاسرائيلية وهل حقاً هو الرجل الثاني في الحكومة وصاحب القول الفصل في القضايا الأمنية، ما سيجر سؤالاً ثانياً يتعلق بتأثير المواقف السياسية لصاحب هذا المنصب على القرارات العسكرية في الدولة العبرية. يقول ل"الحياة"النائب العربي في الكنيست الدكتور عزمي بشارة انه على عكس ما يشاع فإن منصب وزير الدفاع ليس بالمنصب المهم كما يروّج،"فالشخصية العسكرية الأبرز هي قائد الجيش والمنصب السياسي المهم في شؤون الأمن هو رئيس الحكومة، فيما وزير الدفاع ليس سوى حلقة وصل بين الجيش ووزارة المال". وأضاف بشارة انه فقط في حالات اشغل فيها رئيس الحكومة منصب وزير الدفاع ايضاً وكان شخصية عسكرية وسياسية مرموقة مثل اسحق رابين وايهود باراك اعتبر منصب وزير الدفاع ذا أهمية خاصة. اما الحال بالنسبة لبيرتس فمختلف تماماً فهو لا شخصية سياسية ولا شخصية عسكرية، وعليه فإنه ليس من سيحدد السياسات تجاه الفلسطينيين أو العرب، انما قائد الجيش ورئيس الحكومة."وأعتقد ان ما يريده بيرتس من تولي هذا المنصب هو ان يبني لنفسه شخصية القائد السياسي والأمني على نحو يمكنه من المنافسة بثقة أكبر على رئاسة الحكومة في المستقبل. ورأى الصحافي عمانوئيل روزين ان ليس لدى الاسرائيليين ما يدعو الى قلقهم من تعيين شخصية عديمة الخلفية العسكرية وزيراً للدفاع"فالقضايا الملتهبة من المواجهات مع الفلسطينيين الى التهديد الايراني وغيرها يحسمها فقط رئيس الحكومة". وكتب الخبير في الشؤون الاستراتيجية في صحيفة"هآرتس"زئيف شيف ان المجال الذي سيؤثر فيه بيرتس أكثر من غيره هو وضع الاحتياجات الأمنية مقابل تلك الاجتماعية وتحديد موازنة الجيش. وأضاف ان وزير الدفاع أقل استقلالية في قراراته من منصب وزير المال، مثلاً"اذ انه لا يعمل في فراغ تابع له. فرئيس الحكومة هو أكثر من يؤثر في القرارات الأمنية الكبرى وفي عمليات عسكرية كبرى. الى جانب وزير الدفاع دوائر تأثير مهمة أخرى مثل قائد الجيش واللجنة الوزارية للشؤون الأمنية، فيما تنظيما المخابرات"شاباك"و"موساد"يخضعان مباشرة لرئيس الحكومة. وكتب المعلق العسكري في"يديعوت احرونوت"اليكس فيشمان ان بيرتس سيواجه في منصبه الجديد محاولات نزع الشرعية عنه وعدم أهليته للمنصب لافتقاره الى خبرة عسكرية، واضاف انه يتحتم على بيرتس ان يحيط نفسه بعسكريين مهنيين لتفويت الفرصة على قادة الجيش ان يكونوا أصحاب الكلمة الأخيرة في القضايا الأمنية. وأشار المعلق الى ان الحكومة المصغرة للشؤون الأمنية هي صاحبة القرار في المسائل الأمنية الكبرى وليس وزير الدفاع، فيما العمليات العسكرية الميدانية اليومية بيد قادة الجيش.