سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
50 مسلحاً سلموا أنفسهم خلال الشهر الأول من تنفيذ تدابير السلم والمصالحة . الجزائر : "الجماعة السلفية" تعزل عناصرها في الجبال والسلطات تراهن على عائلاتهم
عززت قوات الأمن الجزائرية التدابير الوقائية في العاصمة والمدن الكبرى لتجنب أي ردود فعل عنيفة من الجماعات الإسلامية المسلحة المناوئة لمسعى السلم والمصالحة الوطنية. وفي حين دعت"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"المفرج عنهم من ناشطي الجماعات سابقاً إلى الالتحاق بصفوفها، أكدت مصادر مطلعة أن عدد المسلحين الذين تخلوا عن العمل المسلح منذ دخول تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية حيز التنفيذ في الأول من آذار مارس الماضي بلغ نحو 50 عنصراً قرروا تسليم أنفسهم إلى السلطات في مقابل الاستفادة من تدابير انقضاء المتابعات القضائية في حقهم. ويمنح قانون السلم والمصالحة فترة ستة شهور للمسلحين لتسليم أنفسهم للاستفادة من وقف الملاحقات في حقهم، شرط أن لا يكونوا متورطين في تفجيرات عشوائية وعمليات قتل جماعي وانتهاك حرمات. وقالت مصادر في عائلات المسلحين و"التائبين"الذين استفادوا من تدابير الوئام المدني أو من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية إن"تعثر المسعى الرئاسي"، في إشارة الى قلة عدد المسلحين الذين ألقوا السلاح، سببه"مشاكل ميدانية ورغبة المسلحين في التريث إلى غاية بروز معطيات جديدة". وإن كانت قيادة"الجماعة السلفية"فضّلت دعوة المفرج عنهم من السجون إلى الالتحاق بها لمواصلة العمل المسلح، فإن قطاعاً واسعاً من عناصر هذا التنظيم فضّل منذ أسابيع الركون إلى"هدنة"غير معلنة ومن جانب واحد، في إجراء فسّره متابعون لهذا الملف بأنه يهدف الى جمع معطيات ميدانية تمهيداً لبلورة موقف نهائي من قضية السلم والمصالحة الوطنية. وفي هذا الشأن، أفادت مراجع متطابقة أن الاتصالات بين أجهزة الأمن وعائلات المسلحين لم تتوقف حتى الساعة، كما أن اتصالات هذه العائلات مع أبنائها أو أقاربها في الجبال لم تتوقف هي الأخرى على رغم الضغوط التي ما زال يمارسها التيار المتشدد في التنظيم المسلح ضد العناصر الذين يُعتقد انهم يفكرون في الاستفادة من تدابير السلم والمصالحة. ويعتقد"تائبون"أن تدابير العفو وانقضاء المتابعات القضائية بالإضافة إلى قرار السلطات الإفراج عن أول أمير ومؤسس ل"الجماعة الإسلامية المسلحة"عبدالحق العيادة والرجل الثاني في حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة علي بن حاج كلها معطيات ساهمت على الأرجح في"خلط أوراق"قيادة"الجماعة السلفية"التي قررت على ما يبدو سحب عناصرها بعيداً عن المدن وحتى القرى النائية وأحياناً إلى أماكن ليست فيها تغطية للهاتف النقال، بهدف عزل عناصرها عن اتصالات قد تأتيهم من ذويهم. وفي محاولة لتسهيل هذه الاتصالات، عمد الجيش الجزائري إلى سحب قواته أو وقف عمليات التمشيط في المناطق التي يعتقد أن فيها تحركات في اتجاه دعم المصالحة، بينما تم تكثيف الضغط على المناطق التي يعتقد أنها معقل للتيار المتشدد في"الجماعة السلفية"مثل منطقة أكفادو في ولاية بجاية وحتى معقل بقايا"الجماعة الإسلامية المسلحة"بين ولايتي المدية والبليدة. ويقول بعض"التائبين"ان تأخر السلطات المحلية في تسوية وضع بعض المسلحين الذين وضعوا السلاح في إطار قانون الوئام المدني سابقاً - مثل عدم تمكينهم من وثائق السفر وغيرها - وراء تردد بعض المسلحين في التخلي عن العمل المسلح. وكان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أسف في تصريحات قبل مدة لعدم قيام الإدارة الجزائرية بمهماتها في تسوية وضع المسلحين الذين تخلوا عن العمل المسلح عام 1999 وعددهم بحسب السلطات نحو 6000 مسلح. وقال في تجمع حاشد لمناسبة حملة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية منتصف شهر أيلول سبتمبر الماضي إنه يأسف لذلك ودعا المسلحين السابقين إلى الثقة في تعهداته. وفعلاً باشرت إدارات الولايات منذ بداية العام الجاري في ترتيب ملفات"التائبين"وتسوية وضعهم.