جدد البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير رفضه اللجوء الى الشارع لدفع رئيس الجمهورية إميل لحود الى الاستقالة، مؤكداً أن تنحيه يتم بطريقتين، اما ان يستقيل بملء إرادته أو من خلال الآلية الدستورية المنصوص عليها في الدستور، وعندها لا مانع من اتفاق النواب في البرلمان على تعديل الدستور لجهة تقصير الولاية لفسح المجال لانتخاب رئيس جديد. موقف البطريرك صفير هذا أبلغه لحود في الخلوة التي عقدت بينهما قبل قداس عيد الفصح في بكركي أمس. في بداية الخلوة هنأ لحود صفير بعيد الفصح وبالذكرى العشرين لاعتلائه السدة البطريركية متمنياً له"دوام الصحة والعافية والعمر الطويل ليواصل رسالته الوطنية والروحية التي تعزز دور لبنان في محيطه والعالم". وأجرى لحود وصفير جولة أفق تناولت - بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية - مختلف المواضيع الداخلية والاقليمية والأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماع. كما تم التداول في آفاق المرحلة المقبلة وضرورة العمل على تحصين الوحدة الداخلية وتعزيز الحوار الوطني حول مختلف القضايا المطروحة وترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد، وتمكين مؤسسات الدولة من القيام بالمهمات المطلوبة منها حفاظاً على مصلحة لبنان واللبنانيين. وأكد البيان ان صفير ولحود تطرقا الى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والادارية والسبل الآيلة الى الاهتمام بحاجات الناس وتحقيق المشاريع التي تعود عليهم بالخير وتعالج القضايا الاجتماعية والانسانية المتراكمة وتعزز الثقة بين الدولة وأبنائها وتضع حداً للفساد وهدر المال العام. وأشار البيان الى أنهما تداولا أيضاً في التطورات الاقليمية وضرورة مواجهتها بمزيد من التلاحم والتضامن بين اللبنانيين لئلا تؤثر سلباً في الوضع في لبنان من مختلف جوانبه. وبعد الخلوة سئل لحود عن الانطباعات التي خرج منها بعد لقائه صفير فأجاب:"الخلوة كالعادة ممتازة، وفي كل مرة نلتقي فيها مع غبطته نتكلم في المواضيع العامة وشؤون لبنان، ويتأكد ويترسخ في ذهني ان عملنا المشترك مهم جداً لمصلحة لبنان وخصوصاً وحدته". وعلمت"الحياة"من مصادر مقربة من المجتمعين ان الخلوة التي استمرت نحو ساعة لم تتطرق الى ما كان قاله صفير أخيراً لمجلة"لوبوان"الفرنسية من أن رئيس الجمهورية ربط مصيره بسورية، أو الى موقفه في رسالة الفصح التي وجهها الى اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً وقال فيها ان الرئاسة فقدت هيبتها. وبحسب المصادر ذاتها، فإن لحود وصفير قوّما الوضع في لبنان والمنطقة، خصوصاً التطورات الجارية فيهما بعد لقائهما الأخير قبل شهرين عندما حضر لحود رسامة مطارنة موارنة. وأشارت المصادر الى ان لحود وضع صفير في أجواء ما حصل على هامش القمة العربية في الخرطوم من سجال بينه ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، اضافة الى الأجواء التي سادت مجلس الوزراء، لا سيما في جلسته التي لم تعقد بسبب انسحاب الوزراء المنتمين الى قوى 14 آذار منها. كما أطلع لحود صفير على التفاصيل المتعلقة باكتشاف الشبكة الإرهابية التي كانت تخطط لاغتيال الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصرالله. وعرض لحود وصفير الأحداث الجارية في العراق وفلسطين المحتلة وانعكاساتها على الساحة اللبنانية والتي تستدعي الحفاظ على الوحدة الوطنية لحماية لبنان من جهة ولقطع الطريق على احتمال تدفيعه فاتورة سياسية. وبالنسبة الى قضية رئاسة الجمهورية، قالت المصادر انه جرى استعراض كل المواقف وأن صفير كرر وجهة نظره في هذا الخصوص والقائمة على ان يبادر رئيس الجمهورية الى الاستقالة بملء إرادته أو دفعه الى التنحي من ضمن آلية دستورية تؤدي الى تقصير ولايته الممدة له لإتاحة الفرصة أمام انتخاب رئيس جديد، مشدداً على انه لا يزال على موقفه الرافض مبدأ اللجوء الى الشارع. وفي المقابل قالت المصادر نقلاً عن لحود ان لا علم له بالكلام الذي كان نسب اليه من أنه لن يتنازل عن رئاسة الجمهورية إلا لمصلحة زعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون، مشيرة الى ان رئيس الجمهورية باق في منصبه وانه على موقفه لجهة ضرورة اجراء انتخابات نيابية مبكرة، بذريعة ان القانون الذي أجريت على أساسه الانتخابات الأخيرة لم يكن متوازناً وعادلاً وأن النتائج في بعض المناطق لم تؤمن التمثيل الصحيح. وكشفت ان لحود وصفير تحدثا عن ضرورة وضع قانون انتخاب جديد، مؤكدة ان إأجراء انتخابات مبكرة من وجهة نظر رئيس الجمهورية يعني انه باق في سدة الرئاسة نظراً الى ان الانتخابات تتطلب التوافق على القانون كأساس لإجراء الانتخابات وهذا يحتاج الى فترة طويلة يمكن ان تتجاوز المهلة المتبقية للحود في سدة الرئاسة. وبالنسبة الى مشروع الورقة الاقتصادية التي تعدها الحكومة لاستضافة لبنان مؤتمر بيروت - 1 للدول المانحة من أجل مساعدته في التغلب على مشكلاته الاقتصادية والمالية، قالت المصادر ان البحث في هذا الشأن تناول الخطوط العريضة للمشروع من دون الدخول في التفاصيل. كما علمت"الحياة"من مصادر رسمية ان لحود وصفير شددا على ضرورة جلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأن رئيس الجمهورية يعتبر ان التحقيقات التي أجريت حتى الساعة مع الضباط الأربعة الموقوفين اللواءين جميل السيد وعلي الحاج والعميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان لم تثبت ضلوعهم في الجريمة وبالتالي لا بد من تخلية سبيلهم بسند كفالة على ان يمنعوا من السفر والإبقاء عليهم رهن التحقيق في حال استدعى التحقيق العودة اليهم للاستماع الى أقوالهم وإفاداتهم أمام المحكمة الدولية. ورأى لحود أيضاً كما نقلت عنه هذه المصادر ان الاسراع في كشف الحقيقة من شأنه أن يساعد في تنفيس أجواء الاحتقان الداخلي في ضوء ما سيصدر عن المحكمة الدولية التي ستباشر مهماتها قريباً.