بحث رئيس الجمهورية اميل لحود والبطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير في الخلوة التي عقداها قبل ترؤس الاخير قداس عيد الفصح في الصرح البطريركي في بكركي صباح امس في التطورات الراهنة على المستويات الداخلية والاقليمية والدولية والاوضاع السياسية في ضوء الاتصالات الجارية لتشكيل حكومة جديدة ومواقف الاطراف منها. كما بحث لحود مع صفير في الوضع الامني والتفجيرات المتنقلة التي شهدتها مناطق لبنانية بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتحقيقات الجارية فيها والدور المرتقب للأمم المتحدة في مساعدة لبنان لكشف ملابساتها. وأطلع صفير لحود على نتائج زيارته للولايات المتحدة الاميركية واللقاءات التي عقدها مع كبار المسؤولين الاميركيين في واشنطن وفي مقدمهم الرئيس جورج بوش، اضافة الى اجتماعه مع الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان في نيويورك. وعلمت"الحياة"من مصادر رسمية ان وجهات النظر بين لحود وصفير كانت متفقة على ضرورة مواجهة المرحلة الراهنة بمزيد من التضامن والوحدة بين اللبنانيين، وعلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة تلقى قبولاً لبنانياً واسعاً وتكون مهمتها الاساسية متابعة التحقيقات في جريمة اغتيال الرئيس الحريري واجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها في مناخات أمنية وسياسية هادئة لتعكس توجهات اللبنانيين وخياراتهم الوطنية بأمانة وتجرد. وأعرب لحود وصفير عن ادانتهما للتفجيرات التي حصلت في الاسبوعين الماضيين وأكدا ان مثل هذه الاعمال المستنكرة تتطلب تعاوناً بين الدولة والمواطنين لتفويت الفرصة على الساعين الى اعادة البلاد الى اجواء القلق والخوف. وأوضحت المصادر ان لحود مع تشكيل لجنة تحقيق دولية لجلاء ملابسات جريمة اغتيال الحريري وهو يبدي كل استعداد لتسهيل مهمة لجنة التحقيق فور الاعلان عن تشكيلها من مجلس الامن الدولي انطلاقاً من رغبته في التعاون بايجابية مع الاممالمتحدة باعتبارها أعلى مرجعية دولية. ولفتت المصادر الى ان لحود ليس في وارد التساهل مع كل من يثبت تقصيره او ضلوعه في الجريمة وقالت انه على استعداد لرفع الغطاء الرسمي عن أي متهم او مشتبه به بمن فيهم قادة الاجهزة الامنية، لكنها قالت في المقابل ان اقالتهم ليست من صلاحية رئيس الجمهورية وانما من اختصاص مؤسسة مجلس الوزراء مجتمعاً. وأوضحت المصادر ايضاً انه يعود للوزراء اعطاء اجازة ادارية لقادة الاجهزة الامنية التابعين لوزاراتهم من دون العودة الى مجلس الوزراء. وعزت السبب الى ان القانون يجيز لهم منحهم مثل هذه الاجازة التي قد تكون ضرورية من اجل تسهيل مهمة لجنة التحقيق الدولية. وتابعت ان منحهم اجازة ادارية اقصاها شهر قابلة للتمديد، لا تعني توجيه الاتهام الى هؤلاء القادة الامنيين بمقدار ما انها تسهم في تسريع التحقيق، خصوصاً ان التقرير الذي اعدته لجنة التقصي الدولية كان اشار الى وجود تقصير من البعض من ناحية والى محاولات لطمس الحقيقة من البعض الآخر من ناحية ثانية. واذ رفضت المصادر التعليق على أقوال بعض الوزراء الذين سارعوا الى وضع علامة استفهام على لجنة التحقيق الدولية، قالت في المقابل ان الرئيس لحود وحده هو الذي يعبّر عن رأيه وانه ليس في حاجة لمن ينوب عنه في ابداء وجهة نظره حيال جريمة بحجم اغتيال الرئيس الحريري. وبالنسبة الى الموقف من تأليف حكومة جديدة قالت المصادر انها نوقشت بالتفصيل بين لحود وصفير الذي عكس وجهة نظره القائلة بأنه لا بد من تشكيل حكومة حيادية تضم مجموعة من الوزراء"العقلاء والحكماء"تتولى الاشراف على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها. وفي هذا السياق حذر البطريرك صفير كما نقل عنه زواره امس من المحاولات الهادفة لجر البلد الى الفوضى او المجهول وذلك في اشارة الى استمرار مسلسل التفجير المتنقل. ورأى ان الفرصة ما زالت مواتية امام تشكيل حكومة تكون مهمتها الاشراف على اجراء الانتخابات، مبدياً تأييده ان تكون برئاسة الرئيس المكلف عمر كرامي. وتوافق لحود وصفير على مبدأ الإسراع بتشكيل الحكومة، لكن أمرها يعود الى القرار الذي سيصدر في اليومين المقبلين عن الرئيس كرامي بعد ان يكون قد استنفد الاتصالات التي يجريها مع اطراف اساسية في المعارضة. ولم تستبعد بكركي، بحسب زوارها احتمال حصول لقاء ثان او اتصال جديد بين صفير ووزير الدولة ألبير منصور لينقل الأخير الى كرامي الموقف النهائي للبطريرك الماروني الذي يتشاور باستمرار مع المعارضة حول قضية تشكيل حكومة جديدة. وبالنسبة الى قانون الانتخاب اكد الزوار ان صفير على موقفه باعتماد القضاء دائرة انتخابية وان لحود مع هذا التوجه، خصوصاً ان المشروع الذي احالته الحكومة الى المجلس النيابي يدعم هذه الفكرة.