هناك سر خفي يربط بين الصابون والفن، لأنك لو نقبت وبحثت وتمعنت في الروابط القوية بين عالم الصابون وعالم الفن تصاب بدهشة. الصابون مثلاً ينظف أشياء كثيرة، والفن أيضاً ينظف النفس من التعب والهموم. الصابون يسهم في تلميع الأشياء ويزيد من بريقها، والفن يضفي بريقاً ولمعاناً على الحياة في جميع المجالات. تصور حياتنا مثلاً من دون فيروز وبليغ حمدي ونجاة الصغيرة... صعبة بل كئيبة وخافتة. الصابون ينعش جسد الإنسان، والفن ينعش نفسه ويعيد تشكيلها من جديد. ومن يسمع أغاني شيرين، على سبيل المثال، يصل إلى هذا الإحساس. للصابون مهام كبيرة في كل أجزاء منزلنا، وللفن مهام كبيرة أيضاً في وجداننا وفي ذواتنا . الكل منا يتذكر"طشت"الماء ورغوة الصابون التي تعزف نغمتها أثناء غسيل أمهاتنا لملابسنا المتسخة، والكل استمتع بالفنانة نانسي وهي تنظف ملابس حبيبها وأمامها"الطشت"إياه وهي تغني له"تعال قرب... آه ونص". الكل يرى مكعبات الصابون وهي تتوسد رفوف المتاجر بألوان بهية شهية، والكل يرى أيضاً أشرطة الكاسيتات والأقراص المدمجة، يعلو بريقها في محلات بيع الأشرطة. للصابون ماركات ومؤسسات منتجة، وللفن شركاته ومنتجوه وموزعوه ومسوقوه... للصابون تنتج أفلام دعائية وإعلانية، والأغاني أيضاً صارت تخضع لذلك وتخصص لها الكليبات المبهرة. للصابون منظر خلاب، وهو يصعد ويهبط على أجساد الجميلات، وكذلك للأغنية مفعول السحر، وهي تنساب من حنجرة نوال واحلام وتشعر من خلالها بعطر خليجي من نوع خاص جداً. الصابون يتطور ويتبدل، والفنانات يغيرن في أشكالهن بين ألبوم وآخر وكليب وغيره... لاحظ أن كل الأمثلة كانت قريبة إلى الواقع لكن المثل الأقرب من كل تلك الأمثلة هو مدى ارتباط فقاعات الصابون مع عالم الأغنية والنجوم، كيف؟ هناك فقاعات صابون فنية كثيرة تبرز وتتورم وتنتفخ فوق الغسالات وتحت الماء... وهناك فقاعات فنية شبيهة بها، نجدها تتقافز على الفضائيات فترة ليست بالقليلة، تظهر ليلاً نهاراً، وتطالب بها الرسائل القصيرة في أسفل الشاشات، وتتصدر سباق الأغنيات وتتناقلها إذاعات ال"أف أم" في كل الأوقات، حتى نتصور أنها ستبقى خالدة في الأذهان ويستعصى عليها النسيان، لكنها في لحظة من الزمان تضيع وتصبح في خبر كان. الأمثلة كثيرة لفقاعات الصابون الغنائية، أقربها هو أغنية البرتقالة اختفت وضاعت في سوق الخضار، وبقي عصير البرتقال محافظاً على رونقه. نسي الناس تلك الأغنية العراقية الجديدة لكن أغنية ناظم الغزالي"أم العيون السود"لم تزل في الذاكرة... هناك أمثلة أخرى كثيرة... أرأيتم أن ثمة علاقة قوية وتشابهاً بين الصابون وبين الأغنية!