أعلنت السلطات التشادية، أمس، أنها أوقفت هجوم متمردي"الجبهة الموحدة للتغيير"بعدما تقدموا الثلثاء حتى مسافة أقل من 400 كلم من العاصمة نجامينا بسيطرتهم على مدينة مونغو. وفي وقت حذّرت فرنسا من أي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة في نجامينا، عاشت العاصمة التشادية استنفاراً أمنياً واسعاً وانتشرت الآليات العسكرية في مواقع حساسة فيها، وسط أنباء عن رتل للمتمردين يتقدم صوبها. وقال مصدر عسكري فرنسي ان طائرات ميراج فرنسية رصدت قوات المتمردين على بعد ساعة ونصف من نجامينا وان القوات المسلحة خرجت من العاصمة لمواجهتهم. وجاءت هذه التطورات في وقت أعلنت فيه السلطات السودانية في غرب دارفور إجلاء متمردين تشاديين من الأراضي السودانية بعدما جددت نجامينا اتهام الخرطوم بدعم المتمردين الذين ينشطون في شرق البلاد. وفي هذا السياق، نفّذت السلطات في ولاية غرب دارفور عمليات إخلاء المعارضة التشادية المسلحة شاركت فيها قوات الجيش والشرطة والأمن من كافة أنحاء الولاية تنفيذاً لما ورد في اتفاق طرابلس بين الرئيسين السوداني عمر البشير والتشادي إدريس ديبي في شباط فبراير الماضي. وقال مدير شرطة ولاية غرب دارفور اللواء هاشم محمد الشيخ ان القوات الحكومية نفّذت قرار لجنة أمن الولاية بإخلاء الوجود المسلح للمعارضة التشادية بصورة كاملة. وتتهم نجامينا الخرطوم بدعم المتمردين الذين أعلنوا استيلاءهم على بلدات في شرق البلاد قرب الحدود السودانية. وسيطر المتمردون الأحد على حامية هراز مانغينيه جنوب شرقي تشاد قرب حدود جمهورية افريقيا الوسطى قبل ان يسيطروا الاثنين على بلدة كوكو شرق على مسافة خمسين كلم جنوب شرقي مدينة غوز بيدا التي تبعد اقل من مئة كلم عن الحدود السودانية. وتجري هذه الاضطرابات قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من أيار مايو والتي يرجح فيها فوز الرئيس إدريس ديبي. وأعلن وزير الدفاع التشادي بشارة عيسى جاد الله لوكالة"فرانس برس"، غداة ثلاثة أيام من هجمات المتمردين، ان القوات الموالية للرئيس ديبي استعادت السيطرة على مونغو الواقعة في منتصف الطريق بين الحدود السودانية والعاصمة نجامينا، وفرّقت قوات"جبهة التغيير"في المنطقة. وقال جاد الله ان"مدينة مونغو تحت سيطرة الجيش التشادي منذ الساعة 19.00 18 ت.غ مساء أمس أول من أمس الثلثاء". وأوضح ان"مروحيات الجيش هاجمت مواقع المتمردين في منطقة بكتين 60 كلم غرب مونغو. وتشتت المتمردون في المنطقة، ومنذ الصباح يطاردهم الجيش التشادي". وشدد على ان"الوضع تحت السيطرة"، مشيراً الى ان"خطة المتمردين انتحارية، انهم محاصرون من كل مكان". ونفى ناطق باسم المتمردين الأمر نفياً قاطعاً في اتصال هاتفي أجرته معه"فرانس برس"من ليبرفيل عبر الاقمار الصناعية. وقال عبدالاله عبدالكريم، العضو في المكتب التنفيذي لجبهة التغيير"ان الجيش التشادي لم يستعد السيطرة على مونغو، هذا غير صحيح اطلاقاً"، مضيفاً:"صحيح ان مروحية للجيش التشادي قصفت مساء أمس الثلثاء المدينة لكن قسماً من قواتنا ما زال حالياً في مونغو". وقال عبدالكريم"ان قواتنا لم تُفرّق ... ونحن اليوم اقرب الى نجامينا مما كنا أمس"، رافضاً تحديد مواقع المتمردين. واستولى مئات من متمردي جبهة التغيير ظهر الثلثاء على مدينة مونغو بدون ان يلاقوا مقاومة تذكر، قبل مواصلة هجومهم في اتجاه الشمال نحو مدينة اتي الواقعة على الطريق بين العاصمة وابشه 700 كلم شرقاً. واكد وزير الدفاع ان المتمردين لم يتمكنوا من الوصول الى مدينة اتي شمال مونغو. ونقلت وكالة"رويترز"عن سكان وديبلوماسيين في نجامينا ان السفارات في تشاد وضعت في حال تأهب أمني وعززت القوات الحكومية تواجدها في العاصمة نجامينا أمس بعد أنباء تفيد بتقدم المتمردين بالقرب من المدينة. وقال ديبلوماسي طلب عدم نشر اسمه ل"رويترز":"نحن على درجة عالية من التأهب الأمني"مستشهداً بما وصفها بأنها تقارير موثوقة بأن رتلاً للمتمردين رصد في مسينيا على بعد 160 كيلومتراً جنوب شرقي نجامينا. وقال سكان ان الحكومة عززت تواجد قواتها في العاصمة وتمركزت دبابة عند المدخل الرئيسي للقصر الرئاسي وأقام الجيش نقاط تفتيش في بعض المناطق. وأغلقت المدرسة الفرنسية التي تستقبل 430 تلميذاً قبل الظهر وبرر مصدر قريب من السفارة الفرنسية هذا الاجراء ب"تسارع الاحداث". ودانت فرنسا أمس"اي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة"في تشاد، وقال الناطق باسم الخارجية جان باتيست ماتيي ان باريس"تتابع بقلق التطورات الحالية في تشاد ونولي اهتماماً لوضع الجالية الفرنسية في هذا البلد والتي تضم 1500 شخص". وأضاف ان"القوات الفرنسية المنتشرة في تشاد 1200 عنصر تدعمهم ست مطاردات من طراز ميراج اف-1 وضعت في حال استنفار"، مشيراً الى ان القوات الفرنسية تكتفي بتقديم"دعم استخباراتي"للحكومة التشادية.