استمر الاستقطاب السياسي على أشده في لبنان أمس بين قوى الأكثرية النيابية والوزارية الممثلة بتحالف 14 آذار، وقوى الأقلية الممثلة بتحالف"حزب الله"وحركة"أمل"ورئيس الجمهورية اميل لحود، على رغم التراجع النسبي لحدة المشادات التي شهدها هذا الأسبوع والخطاب السياسي العالي النبرة الذي بدأ في قمة الخرطوم الثلثاء الماضي وانتقل الى بيروت أول من أمس، على خلفية الخلاف على طلب السنيورة من القمة اعتماد عبارة"حق الشعب اللبناني في المقاومة لتحرير أرضه"... بدلاً من تأكيد ان"المقاومة تعبير صادق وطبيعي عن حق الشعب اللبناني". وكان وزير الخارجية فوزي صلوخ استبدل هذه العبارة بالعبارة الأولى بعدما طلب السنيورة اعتمادها. راجع ص6 و7 وفيما علمت"الحياة"ان السنيورة أبلغ صلوخ خلال اجتماعه مع ووزراء التحالف الشيعي أول من أمس، اثر انفراط جلسة مجلس الوزراء"أنت غشّيتني ولم تنقل لي نص مشروع القرار كما تمّ تعديله كاملاً"، أبلغ رئيس الحكومة زواره أمس أنه قرر"إطفاء المحركات"بعد المشادة التي حصلت الخميس في مجلس الوزراء حين أثار انسحاب وزراء الاكثرية وموقفهم ضد لحود أمام كاميرات التلفزة رئيس الجمهورية، وحصل صراخ بينه وبينهم. وقالت مصادر الأكثرية ان تعطيل جلسة مجلس الوزراء بحجة ترؤس لحود لها كان رسالة الى تحالف الأقلية مع لحود، وبعدما اعتبرته مصادر وزارية ونيابية"المخاطبة غير اللائقة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري للسنيورة في البرلمان أول من أمس حين اتهمه بارتكاب خطيئة في الخرطوم، وأنهى الجلسة النيابية من دون ان يسمح له بالردّ". وإذ ترك موقف بري أثراً سياسياً وشخصياً لدى السنيورة، فإن مصادر الأخير ردّت على قول بري في تصريح له أنه أراد تأمين حماية للسنيورة خلال الجلسة بموقفه، بالقول ان رئيس الحكومة"ليس خجلاً بموقفه في القمة العربية لأن تأكيده ان حق المقاومة يعود الى الشعب اللبناني، يعيد هذه المقاومة الى الحصن اللبناني ويحميها بدلاً من ان تُعتبر مقاومة فئة". ونقلت هذه المصادر عن السنيورة قوله:"انتصر للدولة وليس من يحمي اللبناني غيرها وأنا مصرّ على ذلك". وفيما يرصد السنيورة أجواء ما بعد العاصفة، أكدت مصادره ان ما يعيبه فريق لحود والتحالف الشيعي عليه بأنه خرج عن نص البيان الوزاري"تهمة مردودة، فوجوده في القمة العربية كان لتمثيل الدولة، التي لا يمثلها لحود برأي الأكثرية، وبالتالي هو للدفاع عن حق الدولة والشعب اللبناني في المقاومة وليس عن حزب الله أو فئة من اللبنانيين عندما نحكي عن الشعب والدولة فالمقاومة جزء منهما. والقضية ليست قضية بيان وزاري". وفيما يترقب الجميع عقد مؤتمر الحوار بعد غد الاثنين وتتفق مصادر الأكثرية والأقلية على ان يتمكن من تنفيس الاحتقان، أكدت مصادر الجانبين ان لا مصلحة لأي منهما في خروج أي طرف من الحكومة. في المقابل، انتقدت مصادر لحود تعطيل الأكثرية جلسة مجلس الوزراء والسنيورة لأنه لم يمنع وزراء الأكثرية من مهاجمته. وهاجم عدد من حلفاء دمشق قوى الأكثرية، فيما زار الوزيران اللذان يمثلان"حزب الله"فيها، محمد فنيش الطاقة وطراد حمادة العمل لحود أمس وتضامنا معه. وانتقد فنيش السنيورة وامتدح وقوف لحود الى جانب المقاومة. كما هاجم الوزير السابق سليمان فرنجية الأكثرية وتضامن مع لحود. وانعكس الاستقطاب السياسي عتباً من زعيم"تيار المستقبل"النائب سعد الحريري على قيادة"حزب الله"وطريقة تعاطيها مع السنيورة، وكرّرت مصادره السؤال عن سبب عدم توجيه الشكر له أو لرئيس الحكومة على دعمهما للمقاومة منذ زمن، فيما تزور وفود منها لحود من أجل تقديم الدعم له بهذه الحجة. الى ذلك، نقل زوار السنيورة عنه قوله انه سيضع جدول اعمال القضايا التي سيبحث فيها مع الرئيس السوري بشار الأسد بناء لطلب الأخير تحديد النقاط التي يفترض بحثها عندما طلب موعداً لزيارة دمشق، أثناء لقائهما العابر في الخرطوم. وقال السنيورة انه سيطلع مؤتمر الحوار الاثنين على ما حصل في هذا الصدد، مشيراً الى ان جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتحديد الحدود في منطقة مزارع شبعا لتثبيت لبنانيتها، وإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين، هي النقاط التي سيطرحها للبحث مع دمشق، كونها أصبحت من قرارات مؤتمر الحوار بالإجماع، خصوصاً أنها نقاط غير مرتبطة بالضرورة بالبندين الباقيين من جدول أعمال الحوار، أي سلاح المقاومة والتغيير في الرئاسة الأولى.