أخذت حكومة"حماس"بعد مضي حوالي شهر على تسلم مهماتها، من دون ان تتمكن خلال ذلك من توفير رواتب موظفيها بفعل حصار اسرائيلي - اميركي شديد، تبحث عن ثغرات، ولو صغيرة، في جدار هذا الحصار السميك. وكانت آخر هذه المحاولات تحويل أموال المساعدات العربية المتجمعة في حساب بنكي خاص للسلطة لدى الجامعة العربية من عملة الدولار الأميركي الى اليورو الأوروبي. وقال وزير المال في الحكومة الدكتور عمر عبدالرازق:"لقد حوّلنا جميع المساعدات التي وصلت الى الجامعة العربية، وقدرها 71 مليون دولار الى اليورو لأن الاتحاد الأوروبي أقل تشدداً معنا". وقبل ذلك، وافقت الحكومة على تحويل أموال المساعدات الى مكتب الرئيس محمود عباس وهو ما رفضت الادارة الأميركية قبوله. وقال عبد الرازق أمس في لقاء في وزارة الاعلام:"لقد وافقنا على ان يقوم مكتب الرئيس عباس ليس فقط بتلقي الأموال، بل بادارة رواتب الموظفين وصرفها". وأضاف:"لا مشكلة لدينا في ان يتولى مكتب الرئيس جميع شؤون الرواتب، وقد قبلنا مواصلة العمل بالنظام المصرفي القديم الذي اكتسب مصداقية". وكانت الحكومة ابلغت الرئيس موافقتها على تحويل أموال المساعدات الغربية الى القطاعات الخدمية مباشرة مثل الصحة والتعليم، على ان تتولى الدول العربية تمويل أجهزة الأمن. وعندما رفضت الادارة الأميركية هذا الطلب اقترحت الحكومة ان يصار الى تحويل المساعدات الخارجية مباشرة الى الموظفين عبر حسابات بنكية شخصية لكل منهم وهو ما قوبل بالرفض أيضا. وواجهت الحكومة صعوبة"بالغة"في اقناع العالم الخارجي بمواصلة تقديم العون لها، لكن ثغرة صغيرة فتحت في الجدار أخيراً عندما بدأ بعض الدول العربية تحويل الأموال لحساب مصرفي باسم السلطة لدى الجامعة العربية. وقال الوزير عبدالرازق ان المشكلة لم تعد في توفير المال بل في ادخال هذا المال الى البلاد. وأشار الى ان 71 مليون دولار قد تجمعت في حساب السلطة لدى الجامعة العربية، وان هناك وعودا بتحويل أكثر من ضعفي هذا المبلغ في الفترة المقبلة. واضاف:"وصلت عشرة ملايين دولار من روسيا، وتعهدت المملكة العربية السعودية بتحويل 72 مليون دولار إضافية بعد ان حوّلت 20 مليوناً، لتشكل دفعة كبيرة من حصتها من الدعم العربي المقرر في مؤتمر قمة الخرطوم، وهناك 100 مليون من ايران". وقال ان الحكومة تجري اتصالات مع كل من البنك المركزي المصري والبنك المركزي الأردني ومع سلطة النقد الفلسطينية والبنوك العربية العاملة في الأراضي الفلسطينية لتحويل هذه الأموال على نحو لا يؤدي الى الاضرار بالنظام المصرفي الفلسطيني. ويؤكد عبدالرازق ان البنوك العربية لم تتلق قرارات أميركية بعدم القيام بتحويل الأموال للسلطة لكنها - أي البنوك - توقفت خشية تعرضها لعقوبات. وقال:"البنوك ليست رافضة، ولم تكن هناك قرارات أميركية لهذه البنوك بعدم التعاون معنا. الادارة الأميركية أعلنت قرارات تخص مواطنيها ومؤسساتها وشركاتها لعدم التعامل معنا، ومنحت هذه الشركات مهلة 30 يوما لإنهاء العلاقة". واشار عبدالرازق الى ان حكومته تبحث الآن مع بنوك ليست على علاقة مع الولاياتالمتحدة الأميركية لتحويل هذه الأموال من دون ان تتعرض للضرر. وعلى رغم تفاؤل عبدالرازق بالتوصل الى حل لهذه المشكلة التي سيتوقف عليها مصير الحكومة، الا انه لم يملك ما يطمئن به جمهور الموظفين في السلطة سوى الدعوة الى الصمود والصبر. وقال:"هم الأميركيون، يراهنون على اننا سننهار خلال بضعة أشهر، وأنا أؤكد اننا سنصمد لفترة طويلة". ويبلغ عدد موظفي السلطة الفلسطينية 165 ألفا يتقاضون رواتب شهرية قدرها حوالي 120 مليون دولار. وحسب تقارير دورية لمكتب منسق الأممالمتحدة للشؤون الانسانية فان هؤلاء الموظفين يعيلون حوالي ربع سكان الضفة والقطاع. ولا تتجاوز الجباية الشهرية للحكومة 30 مليون دولار لا تكفي للنفقات الجارية للوزارات.