تستعد شوارع قطاع غزة لمعارك ومواجهات في الامد المنظور بين حركتي"فتح"و"حماس"، بدت نذرها تظهر على الارض في شكل اشتباكات وقعت بين طلبة جامعة الأزهر التي تسيطر عليها حركة"فتح"والجامعة الاسلامية التي تسيطر عليها حركة"حماس"، بعد ساعات على التصريحات التي ادلى بها رئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"في دمشق اول من امس والتي اعتبرها قادة"فتح"واعضاؤها مسيئة ومثيرة للفتنة وطالبوه بالاعتذار عنها. وبدا ان تلك التصريحات قربت اجل انفجار التوتر بين الحركتين منذ فوز"حماس"في الانتخابات التشريعية في كانون الثاني يناير. وفي وقت انقسم فيه الشارع الفلسطيني بين مؤيد لتصريحات مشعل ومعارض لها، وبين حائر في امرها وخائف من تداعياتها، فان مصر دخلت على الخط في محاولة لرأب الصدع الذي أحدثته تصريحات مشعل. وفيما دافعت"حماس"عن تصريحات مشعل، نددت حركة"فتح"بها واعتبرتها فتنة داخلية و"تدبيراً لحرب أهلية"، اما الحكومة فأبدت تصميماً جديداً على المضي قدما في تنفيذ قراري وزير الداخلية والأمن الوطني سعيد صيام القاضي أحدهما بتعيين القائد العام للجان المقاومة الشعبية جمال أبو سمهدانة مراقباً عاماًً للوزارة، وتشكيل قوة خاصة لمساندة اجهزة الامن الفلسطينية، وهما القراران اللذان الغاهما الرئيس محمود عباس، فجاء رد مشعل نارياً عليه. وفي التفاصيل، اظهرت الاشتباكات بالحجارة والقنابل المحلية الصنع التي استخدمت في الصدامات بين الطلبة الفتحاويين في جامعة الازهر والطلبة الحمساويين في الجامعة الاسلامية المتجاورتين غرب مدينة غزة امس ان الاحتقان الداخلي الفلسطيني بلغ ذروة لم يبلغها من قبل تنذر بمواجهة أكبر بين الحركتين المتصارعتين على قيادة السلطة والشارع الفلسطينيين. واصيب في هذه الاشتباكات 32 طالباً بجروح. وقال مدير العلاقات العامة في مستشفى الشفاء في غزة الدكتور جمعة السقا ل"الحياة"ان الجرحى ال 32 بينهم جريح واحد اصابته خطرة. وجاءت هذه الاشتباكات في اعقاب حال من الغضب والسخط الشديدين في اوساط حركة"فتح"التي اتهمها مشعل بالتواطؤ مع الولاياتالمتحدة واسرائيل لاسقاط الحكومة التي شكلتها حركة"حماس"قبل نحو شهر. وقالت"فتح"في بيان اصدرته في اعقاب هذه التصريحات انها تنظر"بخطورة بالغة"لها، واصفة حديث مشعل بأنه"خطاب فتنة يسعى الى توتير الاجواء في الساحة الفلسطينية وتدبير حرب اهلية بأوامر من اسياده الذين يريدون فتح معارك جانبية في فلسطين لتحقيق اهداف خاصة بهم". وصعّدت"فتح"من ردها على مشعل وقالت ان"خطاب الفتنة"جاء"ليؤكد لنا ان هذا الرجل مشعل كان وما يزال يسعى الى اراقة الدم الفلسطيني فوق هذه الارض الطاهرة بينما يعيش في مقر في دمشق مستفيداً من خبرات البعض في تدبير الفتن والحروب الاهلية". وجاء في البيان:"جاء هذا الخطاب الهستيري من شخص اعتقد البعض انه سيكون أكثر مسؤولية بعد الانتخابات التشريعية الاخيرة، لكنه كشف حقيقته بأنه ليس أكثر من اداة رخيصة لتدمير النظام السياسي الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية". ولحقت كتائب شهداء الاقصى مجموعات الشهيد أيمن جودة التابعة لحركة"فتح"بموقف الحركة الأم وطالبت مشعل بالاعتذار عن اتهاماته للحركة. ووصفت خطاب مشعل بانه"ناري وتهجمي على حركة"فتح"، مطالبة الحكومة بتوضيح موقفها من الخطاب. ودعا متحدث باسم المجموعات في مؤتمر صحافي عقده في غزة امس الحكومة وحركة"فتح"والتنظيمات الأخرى الى توحيد جهودها لرفع الظلم والحصار عن الشعب الفلسطيني. وندد متحدثان باسم احدى مجموعات كتائب شهداء الاقصى واحدى مجموعات كتائب الشهيد أحمد أبو الريش بتصريحات مشعل. وقال المتحدثان في مؤتمر صحافي عقداه عصر امس في غزة ان كتائب الاقصى وكتائب احمد ابو الريش تندد وتستنكر تصريحات مشعل وتطالبه بالاعتذار لحركة"فتح"عن هذه التصريحات. وكان انصار"فتح"نزلوا الى شوارع مدينة غزة عند منتصف ليل الجمعة - السبت ونظموا مسيرات احتجاجية على تصريحات مشعل. وقال شهود ل"الحياة"ان انصار"فتح"نددوا بتصريحات مشعل ونعتوه ب"الخائن"واشعلوا اطارات السيارات في الشوارع واطلقوا النار في الهواء بغزارة. واضاف الشهود ان المسيرات الغاضبة استمرت حتى الثالثة من فجر امس، من دون ان يتخللها اشتباكات مع انصار"حماس"الذين اختفوا من الشوارع. لكن حركة"حماس"اصرّت على ما جاء في خطاب مشعل في دمشق، واعتبر ناطق باسم"حماس"في بيان صحافي امس ان"تصريحات مشعل جاءت لكشف الحقيقة وان الحفاظ على وحدة شعبنا لا يعني الصمت عن الحقيقة". وقال الناطق ان الخطاب"جاء في سياق توضيح التحديات التي تتعرض لها الحكومة الفلسطينية والعراقيل التي توضع أمامها من خلال تجريدها من صلاحياتها بهدف افشالها". واضاف:"نحن بتنا امام حكومة موازية"، مشيراً الى ان"جميع الحوارات بين مؤسستي الحكومة والرئاسة لم تتم متابعتها او تفعيلها وبالتالي استمرار حصار الحكومة ووضع مزيد من التحديات أمامها". واعتبر ان مشعل"اراد كشف الحقيقة امام شعبنا وأمتنا". ورأى ان كل"الاصوات التي تعالت لانتقاده مطالبة من قبل شعبنا بالاجابة عن السؤال المباشر: لماذا يتم تجريد الحكومة من صلاحياتها؟ ولمصلحة من يتم ذلك؟". في غضون ذلك، دخلت مصر على الخط بسرعة، اذ وصل وفد أمني مصري مكون من اللواء رأفت شحاتة واللواء محمد إبراهيم الى غزة والتقيا رئيس الحكومة اسماعيل هنية. وبحث الوفد المصري مع هنية مجمل الاوضاع والتطورات على الساحة الفلسطينية، خصوصا تداعيات خطاب مشعل والعلاقات الداخلية الفلسطينية وسبل تعزيز الوحدة الوطنية والازمة المالية الخانقة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية.