هل تغرق فرنسا في الرمال المتحركة التشادية، بعد اختبارها رمال ساحل العاج؟ يقر الجنود على الجبهة الأمامية أنهم"قلقون". بواعثهم على القلق لا تنكر. ففي إطار مهمة مساعدة أبيدجان العاصمة العاجية، على فرنسا أن ترسل قوات تتولى مراقبة الإنتخابات في جمهورية الكونغو الديموقراطية، فيما يتداعى من جهة أخرى أحد المعاقل الفرنسية المتقدمة في أفريقيا. ويعرف الجنود الفرنسيون تشاد معرفة تامة. فهم واجهوا غير مجموعة"متمردة"فيه. ونذكر من تلك المواجهات، على سبيل المثال، اختطاف حسين حبري دارسة الإثنولوجيا، فرانسواز كلوستر 1974-1977، والحرب الجوية التي نشبت في الثمانينات ضد الجيش الليبي الذي احتل شمال البلاد. ومذذاك أصبحت تشاد قاعدة جوية في قلب أفريقيا. وتتخذ فرنسا، في إطار عملية"إيبيرفييه"تدابير عسكرية معقدة في نجامينا. فهي مهدت وبنت مدرج طائرات عريضاً، يسعه استقبال طائرات ضخمة. هو أشبه بمحطة مركزية تنطلق منها القوات الفرنسية إلى دول الجوار. ويسيطر سلاح الجو على مساحات شاسعة في منطقة، إما تفتقد الطرق وإما طرقها وعرة. وتبقي فرنسا في نجامينا 6 طائرات ميراج ف1، وطائرة للتزويد بالوقود، وثلاث ناقلات"ترانسال"، وثلاث مروحيات إلى 1200 جندي ينتشرون في أرجاء البلاد. ولكن هذه الوسائل تخدم أي سياسة؟ فمنذ صدمة الإبادة العرقية في رواندا، في 1994، تتردد فرنسا في المواقف التي عليها اتخاذها: هل عليها الإكتفاء بحماية المغتربين الفرنسيين ويبلغ عددهم 1500 في تشاد، و200 ألف في أفريقيا، وتأمين اجلائهم من البلاد حين يطرأ طارئ، وترك الأفارقة يسوون خلافاتهم؟ وسبق ان دافع رئيس الوزراء سابقاً، إدوار بالادور ثم ليونيل جوسبان، عن هذا الموقف، وهو يعني انسحاباً تدريجياً. وصيغ مبدأ الپ"ريكامب"، أي تدعيم القدرات الأفريقية على حفظ السلام، وغايته تقوية الجيوش الأفريقية لتحل محل القوات الفرنسية - أم عليها التدخل على نحو سافر، والحؤول بين الدول وبين الغرق في الفوضى والمذابح؟. فما العمل في تشاد والحال هذه؟ رسمت باريس صورة تدخلها أخيراً. فعلى رغم الدعم السياسي القوي الذي أبلغه شيراك الى إدريس ديبي، لن يقاتل الجنود الفرنسيون المتمردين مباشرة، طالما لم يعمدوا الى اذية المصالح الفرنسية. وهذا القرار"ضوء برتقالي تحذيري"، وليس تخلياً. ورحيل إدريس ديبي، يجر على فرنسا خسارة كبيرة، إذا نحينا مصير التجهيزات العسكرية. فديبي من فلول الپ"جنود المطيعين"لأفريقيا الفرنسية، على شاكلة الراحل إياديما، في توغو، وساسو نغيسو، في الكونغو، وعمر بونغو في الغابون. ولطالما لبى الرجل الذي دربته الاستخبارات الفرنسية، وأجلسته على كرسي الحكم، منذ زمن بعيد، نداء الفرنسيين، وبعث بكتائبه المقاتلة والفاعلة للنجدة. فتدخلت ببرازافيل، في 1997، وساعدت على الإطاحة بليسوبا، واستبداله بساسو. وفي 2003، أسهمت، بجمهورية أفريقيا الوسطى، في الإطاحة بباتاسي، بعدما أصبح عبئاً. ولكن رهان باريس على رجل واحد، يضعها اليوم موضعاً حرجاً في تشاد. عن كريستوف أياد وجان - دومينيك ميرشيه،"ليبيراسيون"الفرنسية، 14/4/2006