في الرابع عشر من حزيران يونيو المقبل يتسابق نجوم منتخبي السعودية وتونس لإحراز أول هدف لأي لاعب عربي في شباك ملعب إليانز أرينا الجديد في مدينة ميونيخ. ويخوض المنتخبان العربيان ضمن المجموعة الثامنة مباراتهما الأولى بعد خمسة أيام من المباراة الافتتاحية للنهائيات على الملعب نفسه بين ألمانيا وكوستاريكا. ومن المتوقع أن تغلب اللغة العربية على كل اللغات الأجنبية في شوارع ومقاهي ومطاعم عاصمة إقليم البافاريا - جنوبألمانيا، ويبلغ مجموع التذاكر المطروحة للبيع في الأسواق للمباراة العربية - العربية 52782 تذكرة، وهو ما يشير إلى حضور أكثر من 40 ألف مشجع من البلدين في مدرجات إليانز أرينا، ولم يسبق لأي منتخب عربي خوض أي مباراة في الملعب الجديد الذي افتتح في 30 أيار مايو الماضي بمباراة ودية بين الناديين المالكين للملعب بايرن ميونيخ، وجاره ميونيخ 1860. ويحتضن الملعب الرائع أربع مباريات أخرى في النهائيات للبرازيل ضد أستراليا في المجموعة السادسة مساء 18 حزيران يونيو وساحل العاج ضد صربيا في المجموعة الثالثة مساء 21 حزيران يونيو، والمباراة الأولى في الدور الثاني - ثمن النهائي - لبطل المجموعة الأولى مع ثاني المجموعة الثانية. ومن المنتظر أن يعود الألمان إلى ملعبهم المفضل حال صدارتهم مجموعتهم، ويحتضن الملعب مباراته السادسة الأخيرة مساء الخامس من تموز يوليو وهي الثانية في الدور نصف النهائي. وملعب إليانز أرينا هو الأحدث في ألمانيا، ويصاب أصحاب السيارات بالذهول الشديد عندما يهبطون تحت الأرض عبر 8 طوابق متتالية لترك سياراتهم في أكبر مكان للانتظار تحت الأرض في أوروبا، وهو يسع عشرة آلاف سيارة. وارتفعت كلفة بناء الملعب إلى 280 مليون يورو في شمال المدينة، ويرتبط حي فروتل ماينينغ بكل مناطق المدينة بشبكة مواصلات ممتازة ما يجعل الوصول إليه سهلاً، وتقاسم ناديا بايرن ميونيخ، وميونيخ 1860 دفع تكاليف البناء للملعب الذي استهلك 120 ألف طن من الأسمنت، و20 ألف طن من الحديد، ووضع القيصر وكابتن ألمانيا السابق رئيس اللجنة المنظمة كأس العالم 2006 فرانز بيكنباور حجر الأساس للملعب الجديد في تشرين الأول أكتوبر 2002، أي بعد عامين من حصول ألمانيا على حق تنظيم كأس العالم، وسار العمل في الملعب بسرعة فائقة حتى انتهى في نيسان أبريل الماضي. والشكل الخارجي لأليانز أرينا يمثل تحفة معمارية لافتة للأنظار، والسقف الزجاجي الشفاف للملعب يحول بين الأمطار والجالسين في كل المدرجات، ولكنه لا يحجب أشعة الشمس، ويمكن إقامة المباريات في ضوء النهار بكل بساطة ووضوح. والسعة الرسمية للملعب وفقاً للمقاعد الموجودة في كل المدرجات هي 66016 متفرجاً، ولكن الإجراءات الأمنية الزائدة في المونديال حجبت عدداً كبيراً من المقاعد سواء لاستخدام رجال الشرطة أو لصعوبة الرؤية من خلالها، وقلت السعة المقررة في كل المباريات إلى 59416 متفرجاً، وتحجز اللجنة المنظمة البطولة 6634 مقعداً في كل مباريات الدور الأول لكبار الضيوف، ورجال"فيفا"، والرعاة، والمنظمين، إضافة إلى رجال الإعلام، والصحافة، وتقل الأمكنة المسموحة للجماهير في مباراة الدور الثاني بواقع 146 مقعداً، ولكن الجماهير لن تجد في مباراة الدور نصف النهائي أكثر من 52090 مقعداً لأن رجال الإعلام لديهم طلبات أكثر لحضور المباراة المهمة. الطريف أن الجماهير المؤازرة للسعودية، وتونس، ستعيش يوماً من أجمل الأيام في العاصمة البافارية ميونيخ، وموعد المباراة يتزامن مع احتفال المدينة التاريخية بيومها السنوي في 14 حزيران يونيو من كل عام. وتنطلق الاحتفالات في شوارع المدينة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1158، وتفتح كل المطاعم والمقاهي أبوابها لأطول وقت في اليوم السنوي لميونيخ، وتقدم المشروبات الباردة والعصائر بأسعار زهيدة في ذلك اليوم المشهود. والزوار العرب لميونيخ لديهم الفرصة للاستمتاع بالمدينة الواقعة على نهر إيسار والتي تمثل مركزاً اقتصادياً وإعلامياً ورياضياً ضخماً في أوروبا، وتبدأ المتعة مع النزول من الطائرة في مطار فرانز جوزيف شتراوس، والمباني القديمة التي تحمل عبق الحضارة هي قبلة الزائرين والسياح، وأشهرها القصر الملكي المشيد في عصر الملك لودفيغ الأولوبيت بينا كوتيك القديم والجديد، ويحتفظ البافاريون بأكثر من مبنى تاريخي تعرض للقصف والتدمير في الحرب العالمية الثانية دليلاً دامغاً على بشاعة الحروب. وتنفرد مدينة ميونيخ بين المدن الأوروبية بأنها بين النخبة التي حظيت بشرف احتضان أكبر ثلاث دورات رياضية في العالم، وهي نظمت دورة الألعاب الأولمبية عام 1972، وبعد عامين فقط استضافت المباراة النهائية لكأس العالم لكرة القدم، وفازت ألمانيا الغربية باللقب على حساب هولندا 1-2، وفي 1988 كانت مسرحاً لنهائيات بطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم، وها هي تحتضن للمرة الثانية كأس العالم لكرة القدم، وتستضيف ميونيخ عشرات المسابقات الرياضية الكبرى في ألعاب القوى، وكرة المضرب، والسباحة، والجمباز، والدراجات، والملعب الأولمبي فيه تسهيلات كاملة لاستضافة 31 رياضة مختلفة في توقيت متزامن. ويفخر البافاريون بناديهم الكبير بايرن ميونيخ الذي قدم للعالم أفذاذ كرة القدم بيكنباور، ومولر، وماير، وأحرز الدوري الألماني 18 مرة رقم قياسي، ونال كأس الأندية الأوروبية أكثر من أي ناد ألماني آخر، وهو بين أغنى 10 أندية في العالم. وفي ميونيخ 732 نادياً تشارك في النشاط الرسمي للاتحادات الرياضية الألمانية، وعدد المقيدين في تلك الأندية من الممارسين والمشاركين في البطولات 293 ألف لاعب ولاعبة، وهم يمثلون 25 في المئة من سكان مقاطعة بافاريا وعددهم 1.3 مليون نسمة.