تحفظت الحكومة السودانية، أمس، عن قرار مجلس الأمن الذي أوصى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بالبحث في خيارات لعملية دولية في دارفور قبل الرابع والعشرين من الشهر المقبل، وشددت على أن لا سبيل إلى نشر قوة أممية في الإقليم إلا بالتفاوض معها، وحذرت من ان القرار الدولي سيؤدي الى تعطيل التسوية السياسية وتفاقم الأوضاع الأمنية والانسانية في الاقليم. وتبنى مجلس الأمن بالإجماع القرار الذي وزعته واشنطن وطلب من كوفي أنان الاسراع في التخطيط لنشر قوات دولية في دارفور بدل قوات الاتحاد الافريقي المنتشرة هناك، ويمهله حتى 24 نيسان ابريل المقبل لاعداد مجموعة خيارات لعملية المنظمة الدولية. وطلب مجلس الأمن من أنان التنسيق مع الاتحاد الأفريقي والخرطوم والمتمردين للوصول إلى خطة. وتطرق القرار الدولي في جزئيتين أخريين إلى تمديد بعثة السلام الدولية في جنوب السودان الى 24 ايلول سبتمبر المقبل، كما أوصى الأمين العام برفع توصيات خلال شهر حول كيفية المساهمة في ردع حركة متمردي"جيش الرب"الأوغندية التي تتخذ من جنوب السودان قاعدة لعملياتها في شمال اوغندا. لكن مستشار الرئيس السوداني الدكتور غازي صلاح الدين تحفظ عن قرار مجلس الأمن، وقال في مؤتمر صحافي أمس ان نشر قوات دولية في دارفور سيعطل التسوية السياسية ويؤثر سلباً على الأوضاع الأمنية والإنسانية وسيوسع دائرة العنف في المنطقة لارتباط أزمة دارفور بالأوضاع في تشاد. وأوضح ان تدويل أزمة دارفور والدفع باحالة ملف الأزمة على مجلس الامن يتبناه المحافظون الجدد في الساحة الأميركية، ورأى ان قضية دارفور يمكن حلها عبر الاتحاد الافريقي كما حُلّت مشكلة جنوب البلاد عبر الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا ايغاد، مشيراً الى ان حكومته ليس لها مصلحة في مواجهة الولاياتالمتحدة. وأضاف صلاح الدين ان الدول العربية تساند موقف حكومته في شأن أزمة دارفور، وستطلب الخرطوم من قادتها خلال قمتهم الثلثاء تعزيز بقاء القوات الافريقية في الاقليم واصدار قرارات واجراءات عملية لمعالجة الاوضاع الانسانية ولعب دور فاعل لتسريع جهود التسوية السياسية. وقال وزير الخارجية السوداني الدكتور لام أكول إن موقف الحكومة السودانية واضح من المسألة وهو رفض تدخل قوات دولية في أي وقت الآن، وان السودان عضو في الأممالمتحدة ولا يمكن نشر قوات من دون التفاوض معه. وأضاف أن قوات الاتحاد الأفريقي قادرة على أداء مهماتها، واستناد مجلس الأمن إلى قرار مجلس الأمن والسلم الأفريقي قبل أسبوعين قراءة خاطئة لأن المجلس قرر فقط تمديد بعثة القوة الأفريقية ستة شهور ولم يقرر تلقائياً تسليم المهمة إلى بعثة أممية لأن ذلك ليس من صلاحياته وإنما قال في جزء من قراره إنه لا يعترض من حيث المبدأ على انتقال المهمة"فيما بعد"إلى الأممالمتحدة. وفي وقت وصف سفير بريطانيا في مجلس الأمن إمري جونس باري قرار مجلس الأمن بأنه"خطوة حقيقية أولى نحو بناء السلام في كل أنحاء البلاد"، أكدت واشنطن ان مشروع القرار الذي طرحته لتسريع نشر قوات أممية في دارفور بدل القوات الأفريقية ليس لغزو السودان وإنما للمساعدة في إنهاء أزمة الإقليم، ودعت الحكومة السودانية إلى التجاوب مع رغبة المجتمع الدولي. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية آدم إيرلي إن الدعوة تحظى بترحيب أكثر من جهة وهي ليست جديدة، ف"التواجد الدولي حاضر في السودان ممثلاً في القوة الأفريقية"التي قالت إنها ستستمر في مهماتها حتى نشر قوة دولية في أيلول سبتمبر المقبل. وأضاف إيرلي أنه لا يفهم رفض السودان ولا رفض الجامعة العربية"رغم أن الأمر يتعلق بقتل مسلمين"، وإن الجامعة العربية لو تحركت لدعمتها الولاياتالمتحدة التي تنفق مئات الملايين لحل الأزمة، بحسب قوله. وقال وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط ان الولاياتالمتحدة"تحاول ارباك القمة"بطرحها على نحو مفاجئ مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو الى ارسال قوات حفظ سلام دولية الى اقليم دارفور. وقال ابو الغيط انه"حتى لو صدر قرار من مجلس الأمن بارسال قوات دولية الى دارفور فإنه لن يغير شيئاً على الاطلاق لأن الاتحاد الافريقي قرر في العاشر من الشهر الجاري تمديد مهمة قواته في دارفور لمدة ستة شهور".