كشفت وثائق أميركية رفعت عنها السرية أن الولاياتالمتحدة تجسست على نطاق واسع ولعشرات السنين على البرنامج النووي الفرنسي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وتعود الوثائق ال 32 المؤرخة في فترة تمتد بين شباط فبراير 1946 وحزيران يونيو 1987 إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي أي والقيادة العسكرية لمنطقة المحيط الهادىء. كما صدر عدد منها عن وزارة الخارجية والقيادة الجوية الاستراتيجية و"مشروع مانهاتن"، الاسم السري لبرنامج تطوير القنبلة النووية الأميركية. ولم يكن التجسس بحد ذاته مستبعداً، لكن الوثائق التي سمح بنشرها أول من أمس، تكشف مدى الاهتمام الذي أولته الولاياتالمتحدة للبرنامج النووي الفرنسي والطرق التي استخدمت لمراقبته. وقال جيفري ريتشلسون الباحث في أرشيف الأمن القومي إن الوثائق كشفت أن"الأميركيين أولوا اهتماما ًكبيراً للبرنامج الفرنسي من نهاية الخمسينات وحتى منتصف السبعينات،و بالتأكيد عندما أوقفت فرنسا في 1974 التجارب في الغلاف الجوي، تضاءلت المعلومات التي يمكن جمعها". وفي أوج اهتمامها بهذه القضية، نشرت واشنطن أقماراً اصطناعية وطائرات "يو- 2"للتجسس وسفناً حربية، وتنصتت على اتصالات واستخدمت جواسيس لجمع معلومات عن البرنامج الفرنسي في فرنسا والمحيط الهادئ. وأضاف ريتشلسون أن"هذا يدل بالتأكيد على اهتمام كبير من جانب الولاياتالمتحدة في تلك الفترة". ونقلت مذكرات سرية للغاية مؤرخة في 18 شباط فبراير 1946 عن"مصدر موثوق"قوله إن"إشاعات أفادت أن علماء فرنسيين وجدوا الصيغة ووضعوا التقنيات لمتفجرات نووية ويريدون الآن بيع تلك المعلومات". وأضافت:"انهم يدعون انهم لا يريدون بيعها إلى الحلفاء أو إلى حكومتهم لأسباب سياسية". وبعد شهر من ذلك، أشارت وثيقة سرية أميركية إلى أن"من المعروف أن الجميع المسؤولون في مفوضية الطاقة الذرية الفرنسية هم شيوعيون أو مؤيدون للشيوعية". وفي بداية الخمسينات، تابع الجيش الأميركي ووزارة الخارجية الأميركية عن كثب العاملين في البرامج النووية الفرنسية، في وقت لم تكن فرنسا اتخذت قرار امتلاك سلاح نووي. وتزايدت هذه المراقبة في الخمسينات بعدما أنشئت في فرنسا مجموعات للدراسات السرية حول الأسلحة النووية وأبحاث مركز للتجارب وأخيراً التجارب النووية الأولى، اعتباراً من الستينات في الصحراء الكبرى ثم في المحيط الهادئ، اعتبارا ًمن 1966. وتصف وثائق الستينات بالتفصيل موقعي موروروا وفانغاتوفا في بولينيزيا وكذلك العملية الأميركية"بيرنينغ لايت"الضوء الحارق التي كانت تستهدف قياس الأمواج الكهرومغناطيسية للتجارب الفرنسية بعدما علمت الاستخبارات الأميركية مسبقاً بموعد هذه التجارب. ويعود احدث هذه الوثائق إلى 1987. لكن ريتشلسون قال إن مراقبة النشاطات النووية الفرنسية تواصلت في التسعينات، موضحاً أن بعض عمليات المراقبة قامت بها نيوزيلندا بالتعاون مع الولاياتالمتحدة.