لا تبعد نواذيبو الموريتانية سوى كيلومترات عدة عن الجدار الأمني المغربي في الصحراء الذي يحد منطقة المواجهات أيام الحرب بين القوات المغربية وقوات جبهة"بوليساريو". لكن المنطقة تشهد اليوم مناخاً مختلفاً. أربعمئة كيلومتر من الطريق المسفلت قطعت صمت الصحراء وتوترها وربطت أخيراً موريتانيا بمحيطها المغاربي لتنتفي فكرة ان"بحر الرمال"عزل موريتانيا عن الاحتكاك بمحيطها الاقليمي. الطريق الذي أثار لبعض الوقت قلق الأوروبيين باعتباره طريقاً"للهجرة غير الشرعية"المزدهرة حالياً في اتجاه جزر الخالدات الإسبانية، يُسجل اليوم إحدى ثمار التبادل القليلة بين دول المغرب العربي. فللمرة الأولى استطاع الموريتانيون تذوق الحمضيات المغربية بسعر يقل كثيراً عن مثيلاتها المستوردة من اسبانيا والتي كانت تُغرق السوق الموريتانية، فيما سيستطيع الموريتانيون ارسال حليب الإبل ولحومها الى أسواق المغرب قريباً. الموريتانيون على الطرف الآخر من الحدود يأملون كثيراً من زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس الى العيون القريبة، خصوصاً ان قرار العاهل المغربي اطلاق مبادرة الحكم الذاتي سيعطي المنطقة مناخاً افضل و"سننسى كل المشاكل السابقة"، كما قال بنبرة متفائلة سالم الذي بنى تجارته منذ بضعة اسابيع على البضائع المستوردة من المغرب. سيل من الشاحنات ترفد الطريق ببضائع قادمة من"درب غلف"، شارع التجارة الشهير في الدار البيضاء. منتجات بلاستيكية، ملابس، وكثير من الخضار والفاكهة. المدينة الأولى التي تتلقى البضائع المغربية هي نواذيبو التي ظلت لسننين طويلة ساحة لتصريف البضائع الاسبانية. ولكن"منذ ان افتُتحت الطريق تغير كل شيء. اصحبت موريتانيا أخيراً جزءاً من المغرب العربي"، على حد قول عبدالله ولد الحافظ الموظف في إحدى شركات الترانزيت."كنا نعيش في عزلة. الطريق ستغير كل شيء، وستحل مشكلة الصحراء"، يختم الرجل كلامه وهو يراقب إحدى الشاحنات وهي تفرغ حمولتها. نواذيبو ليست المدينة الوحيدة المستفيدة من أول طريق تربط موريتانيا بالمغرب. فنواكشوط، العاصمة الموريتانية، تتلقف هي الأخرى سيلاً من البضائع القادمة من الشمال، الأمر الذي خفّض كثيراً من أسعار بعض المنتجات وأغلق الطريق أمام أكبر سوقين - الاسبانية والسنغالية - استفادتا في ما مضى من بيع منتجاتهما في موريتانيا. وأثارت ثمار التبادل مع المغرب والتسهيلات المتاحة، رغبة جزائرية في المنافسة على ما يبدو. فوزير البنى التحتية الجزائري وقع اتفاقاً مع نظيره الموريتاني لبناء طريق تربط تندوف الجزائرية بشوم الموريتانية حيث يمتد منها خط سكة الحديد يربطها بميناء نواذيبو على الاطلسي.