أكدت المعارضة البيلاروسية رفضها الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز الرئيس الشيوعي الكسندر لوكاتشينكو بولاية ثالثة. وأبلغ مصدر قريب من زعيم المعارضة ألكسندر ميلنيكيفيتش"الحياة"أن الاحتجاجات ستتواصل خلال الأيام المقبلة، وقال إن المعطيات المتوافرة لدى أحزاب المعارضة تؤكد ارتكاب السلطات عمليات تزوير فادحة خلال فرز الأصوات. وزاد أن الإحصاء الذي أجراه آلاف المراقبين من جانب أحزاب المعارضة تطابقت نتائجه مع إحصاء الأصوات الذي أعلنه مركز"نيفادا"المستقل، مشيراً إلى حصول الرئيس لوكاتشينكو بحسب المصادر المتطابقة على 43 في المئة فقط من مجموع أصوات الناخبين في مقابل 39 في المئة حصل عليه ميلنيكيفيتش، ما يقتضي خوض المرشحين جولة انتخابية ثانية. لكن لجنة الانتخابات المركزية أعلنت فوز لوكاتشينكو ب 82.6 من مجموع الأصوات. وقال ناطق باسم المعارضة ل"الحياة"إنها تنوي التوجه إلى المحكمة الدستورية لابطال النتائج المعلنة وإعادة الانتخابات. ولفت إلى أن الخطوة الثانية لتحرك المعارضة ستكون عبر محكمة أوروبية، في مسعى لتضييق الخناق على نظام لوكاتشينكو. اعتقالات وأشار المصدر الى ان المعطيات المتوافرة للمعارضة تؤكد اعتقال السلطات الأمنية حوالى 200 ناشط معارض، قال انهم يتعرضون للتحقيق حالياً في مراكز أمنية بعد توجيه اتهامات لهم بالتخطيط لإعمال شغب. وأضاف المصدر نفسه، ان السلطات البيلاروسية اعتقلت الناشطين وهم من ابرز القيادات المحلية في المدن البيلاروسية لمدة أسبوعين قابلة للتمديد. وأعلن لوكاتشينكو في اول تعليق بعد ظهور النتائج، أن المعارضين الذين نظموا أعمال شغب سيتعرضون للعقوبات بحسب القانون البيلاروسي، ورد بعنف على مواقف أوروبية اعتبرت العملية الانتخابية غير متوافقة مع المعايير الأوروبية. غير ان لوكاتشينكو رأى في فوزه"فشلاً للثورة الذي كثر الحديث عنها". وقال في مؤتمر صحافي ان"التحضير لها فشل. وكان ذلك حتمياً" طريق خاص ولوحظ في الفترة السابقة على الانتخابات محدودية الملصقات والدعاية الانتخابية سواء المؤيدة أو المعارضة للوكاتشينكو في شوارع مدن بيلاروسيا وفي وسائل الإعلام أيضاً. واتخذ رئيس روسيا البيضاء المولع بالرياضة والذي يتبنى موقفاً معارضاً ل"الحياة الغربية المتفسخة"قبل سنوات، قراراً بأنه لا يجدر بمواطني روسيا الب``يضاء اختيار قادتهم مثلما يختارون السلع الاستهلاكية، وإنما من خلال الانعكاس الواقعي لبرنامج كل مرشح عبر ساعتي بث تليفزيوني على شاشة التلفزيون الوطني. وتساوى كل المرشحين في هذا الصدد، حيث حصل لوكاتشينكو على ساعتين مثله مثل أي مرشح آخر، ليتغلب عليهم بفارق كبير في النتائج. وتكتسب النزعة الوطنية أهمية كبرى في بيلاروسيا. ولذا، كان من بين أهم أسس الحملة الانتخابية للوكاتشينكو تأكيده على أن بيلاروسيا التي صارت دولة صغيرة بلا تاريخ عريق يجب أن"تمضي في طريقها الخاص"في ما يتعلق بعلاقاتها على الساحة الدولية وإلا باتت مهددة بأن تفقد ذاتها في شكل كامل إذا ما ارتبطت في شكل وثيق بالقوى الكبرى المجاورة لها مثل روسيا أو الاتحاد الاوروبي. ولهذا السبب، صار طرح سؤال مفاده"هل أنت وطني؟"روتيناً ثابتاً في المقابلات الشخصية التي تسبق شغل أي وظيفة في البلاد سواء في جامعة أو مصنع أو حتى دار الأوبرا التي تديرها الدولة. وتفيد وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة إن تأييد استقلالية بيلاروسيا يعادل تأييد لوكاتشينكو الذي يطلق عليه لقب"باتو"الأب. وفسر لوكاتشينكو ذلك في شباط فبراير الماضي بالقول:"المعارضة عدو لشعبنا". موسكو وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الانتخابات في بيلاروسيا احترمت كل"المعايير المعترف بها"، معتبرة انه"لا يوجد أدنى شك في شرعيتها". وجاء في بيان الوزارة:"كل شيء يشير إلى أن الانتخابات أجريت وفقاً للمعايير المعترف بها، وانه لا شك أبداً في شرعية هذه النتائج". الموقف الأوروبي وعلى عكس الموقف الروسي، أعلنت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا لم تكن ديموقراطية بحسب ما أعلن رئيس الجمعية البرلمانية للمنظمة السي هيستينغز. وقال هيستينغز في مؤتمر صحافي في مينسك:"الانتخابات الرئاسية في 19 من الجاري لم تكن مطابقة للمعايير الدولية المطلوبة لانتخابات حرة وعادلة". وزاد:"من الواضح أن الرئيس الحالي سمح باستخدام السلطات في شكل لا يسمح بإجراء انتخابات حرة وعادلة في بيلاروسيا". أما المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو-فالدنر، فاعتبرت فرض عقوبات جديدة على بيلاروسيا أمراً"محتملاً جداً"بعد الانتخابات الرئاسية. وقالت فيريرو- فالدنر في مؤتمر صحافي:"نظراً إلى ما شاهدناه حتى الساعة، رأيي هو الآتي: إن التحرك باتجاه فرض عقوبات الآن محتمل جداً"، لكنها لفتت إلى أن وزراء الخارجية الأوروبيين لن يتخذوا على الأرجح قراراً في هذا الشأن خلال اجتماعهم في بروكسيل. وكانت وزيرة الخارجية النمسوية اورسولا بلاسنيك التي تتولى بلادها رئاسة الاتحاد الأوروبي، تحدثت عن"جو ترهيب"للمعارضة في شكل"مثير للقلق"خلال الانتخابات البيلاروسية، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي سيبحث في"تبعات"هذا الوضع. والأسبوع الماضي، لمح الاتحاد الأوروبي إلى احتمال فرض عقوبات على بيلاروسيا في حال لم تتسم الانتخابات بالحرية والنزاهة. وتحظر الإجراءات الحالية على ستة مسؤولين بيلاروسيين رفيعي المستوى دخول الاتحاد الأوروبي، بسبب الاشتباه في تورطهم في اختفاء ثلاثة معارضين وصحافي في عامي 1999 و2000، أو بسبب قيامهم بعمليات تزوير خلال الاستفتاء الذي جرى في تشرين الأول أكتوبر 2004. لكن الاتحاد الأوروبي لا ينوي فرض أي عقوبات اقتصادية تضر بالشعب. وانتقد نائب رئيس المفوضية الأوروبية غونتر فيرهويغن، سير الانتخابات في بيلاروسيا، مؤكداً انه في مثل هذا الوضع، لا يمكن لهذا البلد أن يكون شريكاً للاتحاد الأوروبي.