قوبل الإعلان عن «الفوز الكاسح» للرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاتشينكو بولاية رئاسية رابعة، بتشكيك في واشنطن وترحيب في موسكو، تزامن مع تأكيد مراقبين روس على «شرعية الانتخابات وشفافيتها»، ما شكل تناقضاً مع مواقف الغرب وخيبة أمل الأميركيين وانتقادات لمجرى العملية الانتخابية والتطورات التي تبعتها. وظل الوضع في مينسك أمس، متوتراً بعد ليلة عاصفة شهدت مواجهات واسعة بين أنصار المعارضة وعناصر الأجهزة الأمنية، وأعلنت الشرطة اعتقال «مئات الأشخاص الذين خططوا لأعمال شغب لإفساد العملية الانتخابية»، فيما شدد زعماء المعارضة على ضرورة إلغاء نتائج الانتخابات التي اعتبروها باطلة ومزورة، وأكدوا عزمهم على مواصلة الاعتصامات إلى حين الاستجابة لهذا المطلب. وكان حوالى أربعين ألفاً من أنصار المعارضة تجمعوا فور اغلاق صناديق الاقتراع مساء الأحد في ساحة «أكتوبر» وسط مينسك وحاول مئات منهم اقتحام مجمع حكومي ضخم يضم رئاسة الوزراء والبرلمان ولجنة الانتخابات المركزية، لكن قوات الأمن واجهتهم بقنابل دخانية وصوتية واستخدمت الهراوات لتفريقهم. وأعلن لاحقاً أن بين المعتقلين سبعة من مرشحي الرئاسة الذين خاضوا المنافسة ضد لوكاتشينكو. وأثارت هذه التطورات خيبة أمل لدى ديبلوماسيين غربيين ورمت بظلال قوية على نتائج العملية الانتخابية ذاتها، واعتبر أحد نواب فرنسا في البرلمان الأوروبي أن «استخدام القوة بهذا الشكل أمر لا يمكن أن يقبله المجتمع الدولي». في المقابل، دعت لجنة الانتخابات المركزية البيلاروسية عند إعلان النتائج الأولية للانتخابات امس، المجتمع الدولي إلى «عدم الربط بين تقويم العملية الانتخابية ونتائجها مع الأحداث التي جرت بعد اغلاق الصناديق». وقالت ناطقة باسم اللجنة إن الناخبين البيلاروس «منحوا أصواتهم وعبروا عن رأيهم قبل اندلاع المواجهات ونزول المعارضين إلى الشارع». ووفق المعطيات التي قدمتها اللجنة فإن البلاد شهدت أعلى نسبة إقبال على الانتخابات منذ سنوات طويلة، بلغت أكثر من تسعين في المئة وهي واحدة من النقاط التي شككت المعارضة بصدقيتها. وحصل الرئيس الحالي كما تشير النتائج على نحو ثمانين في المئة من أصوات الناخبين، في حين منح أكثر بقليل من ستة في المئة من الناخبين أصواتهم للبطاقة الاقتراعية التي حملت تسمية «ضد الجميع» علماً بأن إدراج هذه البطاقة كان أصلاً محل انتقاد من جانب المفوضية الأوروبية. وحصل أقرب منافسي لوكاتشينكو على 2.4 في المئة من الأصوات. وتجاهل مراقبون من روسيا ودول الرابطة المستقلة الأحداث التي جرت عقب الانتخابات واكتفوا بالترحيب بما وصف بأنه «انتخابات شفافة وديموقراطية». وقال رئيس البعثة الروسية سيرغي ليبيديف أن مراقبي الرابطة «لم يرصدوا أي وقائع تضفي شكوكاً على شرعية الانتخابات». وزاد أن الخلاصات التي توصل إليها مراقبو الرابطة «تمت مناقشتها مع بعثة المفوضية الأوروبية ولديهم (مراقبو المفوضية) الانطباع ذاته». لكن هذا الحديث سرعان ما اتضح عكسه عندما أعلنت المفوضية عن تحفظها على سير عمليات احتساب الأصوات وقال الكازاخي قاسم جومارت توكايف نائب رئيس البعثة الأوروبية إن هذه العملية رافقتها انتهاكات ولا يمكن أن تعتبر مطابقة للمعايير الأوروبية. ورجح خبراء أن تضفي نتائج الانتخابات وأحداث العنف التي تلتها بآثارها على علاقات مينسك مع الغرب التي بدأت بالتحسن خلال الشهور الماضية بعد سنوات من الانقطاع والعزلة على بيلاروسيا. وكانت الولاياتالمتحدة بدأت مرحلة انفتاح على مينسك وأعربت عن تفاؤلها بتقريب وجهات النظر، وهو الموقف ذاتها الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي. في المقابل اعتبر الرئيس الروسي دميتري مدفيديف أن الانتخابات الرئاسية في بيلوروسيا «شأن داخلي» معرباً عن أمله بأن تواصل مينسك تطورها على الطريق الديموقراطي. وزاد مدفيديف أن بلاده تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع الجار الأقرب، وأن استقرار بيلاروسيا وتطورها أمران في غاية الأهمية بالنسبة إلى روسيا. وأعرب عن أمله بأن «تصب نتائج الانتخابات في مصلحة تنمية بيلاروسيا كبلد حديث قائم على أسس الديموقراطية والصداقة مع الجيران».