اقر رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف القيادي في حركة"حماس"اسماعيل هنية امس ضمنياً بأن معظم الفصائل والكتل البرلمانية لا ترغب في المشاركة في حكومة برئاسته باستثناء"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"التي عقدت مساء أمس اجتماعا اخيراً للجنتها المركزية لاتخاذ القرار النهائي بالمشاركة من عدمها. واعلن هنية انه سيعرض تشكيلة الحكومة الجديدة على الرئيس محمود عباس في لقاء يعقد بينهما في مقر الرئاسة"المنتدى"مساء اليوم. وفي غضون ذلك كشف نبيل ابو ردينة الناطق باسم الرئيس محمود عباس عن قبول الرئيس حكومة"حماس"مع تحفظه الشديد عن برنامجها. راجع ص 4 وقال أبو ردينة ل"الحياة"ان"الرئيس لن يضع عقبات امام تشكيل الحكومة لكن على هذه الحكومة الالتزام بالبرنامج السياسي للمنظمة". وأضاف:"الرئيس متمسك بكتاب التكليف الذي قدمه لاسماعيل هنية، واذا أرادت"حماس"الانسجام مع هذا البرنامج فان ذلك سيكون في مصلحتها ومصلحة الشعب الفلسطيني، لكن اذا قرروا غير ذلك فانهم سيضعون انفسهم في عزلة وسيدخلوننا في حالة شائكة وصعبة". واستبعد ابو ردينة عرض الحكومة على المجلس التشريعي لنيل الثقة قبل نهاية الشهر الجاري ما يعني ارجاء هذه الخطوة الى ما بعد الانتخابات العامة الاسرائيلية. واعتبر مسؤولون ومحللون سياسيون فلسطينيون امس ان برنامج حكومة"حماس"هو بمثابة"انقلاب سياسي داخل السلطة الفلسطينية"، وحذروا من خطورة عدم احترام الاتفاقات الموقعة سابقا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قوله:"لا يوجد حكومة جاءت للحكم ان كان من خلال الانتخابات او حتى في الانقلابات الا والتزمت بالتزامات الحكومات السابقة والاتفاقات الموقعة سابقاً"، ورأى ان حصول عكس ذلك يعني ان الحكومة الفلسطينية"ستصبح خارج القانون". واعتبر استاذ العلاقات الدولية في جامعة بيرزيت هشام فرارجة برنامج حكومة"حماس"بمثابة"انقلاب سياسي"، واضاف:"ربما تعتبر حماس انها تستطيع فعل ذلك بعد حصولها على غالبية واسعة في الانتخابات التشريعية الاخيرة والذي اعتبرته دعما لبرنامجها الا ان ذلك غير صحيح، وستترتب على هذا التغيير الجذري تبعات داخلية فلسطينية واخرى خارجية بخاصة في ظل حالة الحصار التي يعيشها الشعب الفلسطيني". وتعول"حماس"على مشاركة"الجبهة الشعبية"في الحكومة لكي لا تكون من لون واحد، وهو ما دفع الحركة الى عقد اللقاء بين هنية وعباس اليوم الأحد حتى تتسلم الموقف النهائي من"الشعبية". وعلمت"الحياة"من مصادر في"حماس"ان عدداً من قياديي"الجبهة الشعبية"ابلغوا"حماس"بموافقتها على المشاركة. ولفت هنية في مؤتمر صحافي عقده في غزة امس الى انه اجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس عباس ليل الجمعة"ووضعته في صورة المستجدات المتعلقة بالمشاورات مع القوى والكتل البرلمانية"، مشيراً الى انه اتفق مع عباس على عقد اللقاء مساء الاحد اليوم"لأعرض عليه التشكيلة الوزارية، ونتشاور في الخطوة اللاحقة وفق ما نصت عليه مواد القانون الاساس الدستور الموقت باتمام اقرار هذه الوزارة بعرضها على المجلس التشريعي"لنيل الثقة منه. وبدا هنية عاتباً على الفصائل والكتل الاخرى لعدم موافقتها على المشاركة في حكومة وحدة وطنية اكد ان الحركة سعت بقوة الى تشكيلها. وشدد على ان الحركة اخذت خلال اجتماعاتها مع الفصائل والكتل النيابية والمستقلين"بقسط وافر من اراء وملاحظات الفصائل، ... حتى نتمكن جميعاً من قيادة المشروع الوطني على قاعدة الفهم المشترك، الا ان ذلك لم يكن كافياً للتوصل الى ما حرصنا عليه ورفعنا لواءه". وفي رسالة موجهة الى المجتمع الدولي اعتبر هنية ان"التغيير في المشهد الحكومي الفلسطيني ليس مبرراً لقطع الدعم وممارسة الضغوط الاقتصادية وفرض الحصار الجماعي". وفيما كان مئات المواطنين يصطفون في طوابير امام المخابز في غزة للحصول على الخبز في ظل حصار تفرضه اسرائيل على القطاع، شدد هنية على أن"الحكومة الفلسطينية القادمة مستعدة لان تقدم تجربة نزيهة نظيفة في التعامل مع المال العام وبكل شفافية". ومع ان هنية رفض قطعياً امس الافصاح عن اسماء الوزراء في حكومته، الا ان مصادر في"حماس"كشفت ان الحركة قد تحتفظ بالمستقل مازن سنقرط في منصب وزير الاقتصاد، وانها اختارت لتولي وزارة الخارجية محمود الزهار رئيس كتلتها في المجلس التشريعي وأن القيادي في الحركة سعيد صيام سيصبح وزيراً للداخلية.