سلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء امس رئيس الحكومة المكلف القيادي في حركة"حماس"اسماعيل هنية كتاب تكليفه رسمياً تشكيل الحكومة. والتقى عباس في مقره المنتدى في مدينة غزة مع هنية على انفراد بعد ذلك. وكان المقرر ان يسبق لقاء"حماس"مع الرئيس عباس استكمال جولات الحوارات والمشاورات مع عدد من الفصائل والقوى الفلسطينية، من بينها حركة"فتح"وقائمة فلسطين المستقلة النيابية برئاسة الدكتور مصطفى البرغوثي. وبعد أن اعلن كل من رئيس كتلة"فتح"في المجلس التشريعي النائب عزام الاحمد والبرغوثي ان سلطات الاحتلال الاسرائيلي رفضت السماح لهما الوصول الى قطاع غزة، وصل الأحمد إلى غزة وانضم هو والقيادي في حركة"فتح"في غزة أحمد حلس إلى اجتماع الرئيس عباس مع هنية. وقال الاحمد الذي كان من المقرر أن يأتي الى القطاع لاجراء جولة من المشاورات حول مشاركة حركة"فتح"في حكومة وحدة وطنية تسعى حركة"حماس"الى تشكيلها، بعدما كلف هنية رسميا من جانب الرئيس عباس تأليفها، ان سلطات الاحتلال رفضت منحه تصريحاً يخوله التنقل بين الضفة الغربية والقطاع. من جهته، قال البرغوثي ان سلطات الاحتلال منعته من التوجه الى القطاع للمشاركة في مشاورات تجريها حركة"حماس"بعدما وجهت له الاخيرة الدعوة لاجرائها اول من امس. واعتبر البرغوثي الذي يرأس قائمة تضم الى جانبه عضو المجلس التشريعي راوية الشوا انه يربط المشاركة في الحكومة بالتوافق على برنامج سياسي واجتماعي واضح للحكومة وهو موقف متطابق كلياً مع الموقف الذي اعلنته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اول من امس في اعقاب مشاورات اجرتها مع"حماس"في هذا الشأن. وكان الرئيس عباس التقى وفداً من"حماس"برئاسة هنية ليل الاثنين - الثلثاء، خرج في اعقابه الوفد للاعلان ان الحركة ابلغت الرئيس عباس رسمياً ان هنية مرشحها لرئاسة الحكومة. ووصف رئيس كتلة حركة"حماس"في المجلس التشريعي الدكتور محمود الزهار في مؤتمر صحافي اللقاء بانه"جلسة بروتوكولية"علماً ان اللقاء دام نحو ساعتين. وقال الزهار ان الرئيس عباس"قدم رؤيته السياسية وهو يعرف ان"حماس"تعرف هذه الرؤية، ولكن لم يتم التطرق الى هذا الموضوع اكثر من مجرد انه عباس قال انني قدمت هذه الرؤية التي اعتقد انها تمثل الموقف السياسي لنا". بدوره، ندد هنية بالعقوبات التي قررت الحكومة الاسرائيلية فرضها على الشعب الفلسطيني لمعاقبته على انتخاب حركة"حماس"في المجلس التشريعي الذي حصدت 74 مقعدا من مقاعده ال132. وقال هنية فيما كان يقف الى يسار الزهار امام مقر الرئيس عباس"المنتدى"في مدينة غزة ان"هذه الاجراءات العقابية لن تكسر ارادة الشعب الفلسطيني على رغم محاولات الاحتلال الاسرائيلي ارباك الحكومة الفلسطينية القادمة التي ستشكلها حماس". من جهته، وصف الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة اللقاء بأنه"بروتوكولي". ورداً على سؤال ل"الحياة"إن كان الرئيس عباس بحث مع قادة"حماس"الخطوط العريضة للحكومة او برنامجها، اعتبر ابو ردينة ان برنامج الرئيس عباس هو البرنامج الذي تضمنه خطابه امام المجلس التشريعي السبت، وتضمنته حملته الانتخابية شتاء 2004 وهو برنامج منظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها واتفاقاتها". وتبدو المعضلة الكبرى في المشهد السياسي الفلسطيني، الذي شهد تحولاً كبيراً بفوز"حماس"الساحق، في كيفية التوفيق او المزاوجة بين برنامجي الرئيس عباس وحركة"حماس"السياسيين، نظرا لان البرنامجين مختلفان الى حد التناقض. فبرنامج الرئيس عباس قائم على الاعتراف بالدولة العبرية، وحل القضية الفلسطينية عبر المفاوضات فقط ووقف عسكرة الانتفاضة ونزع سلاح فصائل المقاومة. فيما يرتكز برنامج"حماس"على"تحرير"الارض عبر الكفاح المسلح وليس عبر المفاوضات، فضلاً عن رفض الاعتراف بالدولة العبرية او اجراء مفاوضات معها على الاقل ليس قبل ان تنسحب من الضفة والقطاع والقدس. وكانت"حماس"انهت مشاوراتها التي اجرتها اول من امس بعقد لقاء مع قادة الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين قبل ان تلتقي الرئيس عباس. وأبقت الجبهة الباب موارباً امام مشاركتها في الحكومة العتيدة، ولم تعلن موقفاً قطعياً بالمشاركة او عدمها. وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية صالح زيدان ل"الحياة"ان الجبهة ترهن مشاركتها في الحكومة بالتوافق مع"حماس"على"البرنامج السياسي المجتمعي الامني". واضاف زيدان ان وفد الجبهة دعا الى"اجراء حوار وطني في الخارج في اطار الهيئة الوطنية العليا لتفعيل منظمة التحرير وتطويرها، واستكمال اجراء انتخابات المجلس الوطني في الشتات على اساس مبدأ التمثيل النسبي". واشار زيدان الى ان"حماس"اقترحت تشكيل لجنة تضم ممثلين عن جميع الكتل البرلمانية لبحث البرنامج المحتمل للحكومة القادمة، مشدداً على ان مدى التوافق على هذا البرنامج يحدد ان كانت الجبهة الديموقراطية ستشارك في الحكومة ام لا.