تتجه الولاياتالمتحدة الى تعديل سياستها النووية بما يشمل احتمال توجيه ضربات نووية وقائية ومفاجئة لأعداء محتملين في الحروب المستقبلية، او تلك التي على الاجندة الاميركية في سياق مسلسل"الحرب على الارهاب". ونشرت وكالات أنباء وصحف عالمية نهاية العام الماضي مضمون وثيقة لوزارة الدفاع الأميركية البنتاغون تحت عنوان"خطة لعمليات نووية مشتركة"تتضمن تعديلا في سياسة العمليات النووية الاميركية يقضي بالسماح بتوجيه ضربات نووية مباغتة إلى أعداء حكوميين او غير حكوميين لمنعهم من استخدام أسلحة دمار شامل، وتطلب من الجيش الأميركي"الاستعداد لاستخدام الأسلحة النووية بفاعلية". وثيقة البنتاغون والمتغيرات وأعدت الوثيقة لجنة في"البنتاغون"مكلفة مطابقة الآليات الجارية حالياً مع المتغيرات المتسارعة بعد هجمات 11 ايلول سبتمبر 2001. لكن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد لم يوقع الوثيقة حتى الآن، وبالتالي لا يمكن اعتبارها"سياسة أميركية رسمية"، على رغم تطور الاستراتيجية الدفاعية الاميركية من مبدأي الاحتواءContainment والردع Deterrence الى مفهوم الضربات الوقائيةPreemptive attacks. وتؤكد الوثيقة ان في امكان قادة العمليات طلب موافقة الرئيس على استخدام أسلحة نووية في عدد من الظروف المختلفة، مثل الحيلولة دون استخدام العدو أسلحة دمار شامل ضد الولاياتالمتحدة او قوات متعددة الجنسية أو قوات حليفة أو مدنيين. وجاء في الوثيقة ان القادة يستطيعون أيضاً أن يطلبوا الموافقة على استخدام أسلحة نووية في مواجهة هجوم وشيك للعدو بأسلحة بيولوجية"لا يمكن تدميرها إلا بأسلحة نووية". كما تتضمن استخدام سلاح نووي في ظروف أخرى منها شن هجمات على منشآت للعدو تحتوي على أسلحة دمار شامل ومن أجل تدمير تحصينات تحت الأرض للأعداء تحتوي على أسلحة كيماوية وبيولوجية، أو البنى التحتية للقيادات، أو عمليات التحكم الضرورية لتنفيذ هجمات نووية أو كيماوية أو بيولوجية. ومن النماذج الأخرى التي تنص عليها الوثيقة استخدام الهجمات النووية الوقائية لضرب القوات التقليدية لعدو يتمتع بقوة كبرى من أجل تأمين فوز أميركي سريع في حرب أو لمجرد تأمين نجاح العمليات الأميركية أو المتعددة الطرف. كما تسمح هذه الخطة ل"البنتاغون"بنشر أسلحة نووية في مناطق من العالم يكون استخدامها فيها في المستقبل مرجحاً جداً. ولاحظت الوثيقة أن كثيراً من المنظمات"الإرهابية والإجرامية"، بحسب المفهوم الأميركي، ونحو 30 دولة لديها برامج لأسلحة الدمار الشامل، وان احتمال استخدام جهات غير تابعة لدول سواء بصورة مستقلة برعاية دولة من الخصوم لأسلحة الدمار الشامل، يبقى من المخاطر المهمة المحتملة أيضاً. القنابل المتوقع استخدامها وكشفت الولاياتالمتحدة عن بعض القنابل النتوقع استخدامها، وهي اختراقية طولها ثلاثة أمتار و59 سنتمتراً، وخفيفة الوزن 315 كيلوغراماً بقوة 300 طن من الديناميت أو 340 كيلوطن بحسب برمجتها، تطلق من ارتفاعات شاهقة بحيث يسمح لها باختراق الأرض لمسافة ستة أمتار عمقاً قبل ان تنفجر. وبالتالي فهي مثالية لتدمير الملاجئ أو المصانع الكيماوية المبنية تحت الأرض، وتحمل اسم B61-11 وهي قنبلة نووية مشحونة بمادة بلوتونيوم وتشكل السلاح النووي الوحيد الذي دخل الخدمة في ترسانة الجيش الأميركي منذ عام 1989، وأصبحت مذذاك رسمياً سلاحاً أميركياً تزود به طائرة الشبح القاذفة B-2. وأكد تيري ليتل مدير البرنامج الذي يعمل على تطوير هذه القنابل أن هذه القذائف تستطيع تدمير 80 في المئة من الأهداف. وكانت مشكلة اختراق الملاجئ الحصينة أعاقت الى حد كبير القوات الأميركية خلال حرب الخليج إذا اعتبرت القيادة العسكرية الأميركية أن القنابل التي بحوزتها لا تكفي لتدمير المخابئ تحت الأرض فأطلقت برنامجاً لتطوير قنبلة خارقة قادرة على تحقيق هذه المهمة. وفي وقت قياسي طورت قنبلة GBV-28 وهي عبارة عن قذيفة متفجرة تقليدية مشحونة بمادة تريتونال يصل وزنها إلى طنين وطولها الى خمسة أمتار و72 سنتمتراً وقطرها 37 سنتمتراً. وفي السنوات التالية طورت مختبرات لوس لاموس قنبلة 1B61-1 أو الجيل الجديد من القنابل الخارقة. وعلى رغم صعوبة تقدير مدى فعالية هذا النوع من القنابل الخارقة أو قيمته على الصعيد العسكري تبدو قنبلة B61-11 ميني نيوك أخف وزناً 300 كيلوغرام مقابل 2 طن لقنبلة GBU-28.. وأكثر تدميراً. كلفة الاسلحة النووية وفي عام 2001 نشر تقرير من قبل المؤسسة الوطنية للسياسة العامة والمتخصصة بالمسائل الاستراتيجية أكد احتمال استخدام الأسلحة النووية، وأشار الى أن الولاياتالمتحدة قد تحتاج الى نشر أسلحة نووية بسيطة ضعيفة القوة وموجهة بدقة لاستخدامها الممكن ضد أهداف خاصة ومعززة مثل مصانع الأسلحة الكيماوية تحت الأرض. فإذا كانت الأسلحة التقليدية قادرة على تدمير الجوانب الخارجية من المواقع تحت الأرض فإن سلاحاً أو عدة أسلحة نووية ضرورية لتدمير المنشأة نفسها. وتعمل مختبرات الولاياتالمتحدة النووية على إنتاج جيل جديد من القنابل النووية تسمى"قنابل العطاء الواطي"Low Yield Bombs لاستخدامها في الحروب التقليدية مع بلدان العالم الثالث. وهي تمتاز بقوة تفجير تقل عن خمسة كيلوطن، وبقدرتها على اختراق التحصينات والملاجئ من دون إلحاق الأذى المباشر بالسكان المدنيين، ولكن تؤثر عليهم بما تسببه من تلوّث إشعاعي في التربة والمياه الجوفية. وكانت مؤسسة"بروكنغز"الأميركية لبحوث السياسة العامة أصدرت أكبر دراسة من نوعها عن نفقات الأسلحة النووية الأميركية وعواقبها منذ بداية عصر الأسلحة النووية، كشفت ان هذه النفقات بلغت في إجمالها أكثر من 5.8 تريليون دولار أو 5800 بليون. ومن أخطر ما كشفت عنه الدراسة أن 86 في المئة من نفقات الأسلحة النووية الأميركية ذهبت الى أعمال نشر الأسلحة النووية الهجومية والدفاعية وتشييد أنظمة القيادة والتحكم والاتصالات والمخابرات التي يسهّل استخدامها، فيما ذهبت نسبة سبعة في المئة فقط من هذه الأموال الى نفقات تطوير المتفجرات النووية الفعلية والتي بلغت في إجمالها أكثر من 70 ألف رأس نووي. ويمثّل هذا المبلغ 14 في المئة من الموازنة العسكرية الأميركية، ومعناه أنها تنفق 96 مليون دولار يومياً على الأسلحة. باحث لبناني في الشؤون الاستراتيجية