شهدت بغداد وعموم المدن العراقية هدوءاً نسبياً أمس وعادت الحركة الى العاصمة العراقية وفتحت المحلات التجارية ابوابها، بعد رفع حظر التجول اثر اندلاع العنف في البلاد في اعقاب تفجير مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء الاربعاء، الا ان القلق لا يزال سيد الموقف. وعلى رغم نشر وزارة الدفاع العراقية قوات مدرعة في بعض مناطق بغداد لحماية سكان العاصمة من اي اعتداء، قتل 8 عراقيين بسقوط قذائف في شمال بغداد وشرقها. وكشف عن اعتقال عناصر في وزارة الداخلية بتهمة التورط بتشكيل"فرق الموت"فيما اعلن الافراج عن 96 معتقلاً عراقياً من السجون العراقية. ومع عودة حركة المرور ونزول أصحاب المتاجر الى الشوارع لفتح متاجرهم بدا أن الحظر الذي استمر ثلاثة أيام وغيره من الاجراءات نجحت في احتواء اعمال العنف التي استمرت خمسة أيام والتي وضعت البلاد"على شفا حرب اهلية". ومع استمرار الخوف من الاعمال الطائفية المتبادلة لجأت عائلات من الطائفتين اما للهروب من منازلها بسبب احساسها بالخطر من جيرانها أو التحصن داخل المنازل. وأعلنت وزارة الدفاع العراقية أ ف ب ان القوات الامنية قتلت"35 ارهابياً"واحتجزت 487 منذ دمر مفجرون يشتبه في انتمائهم لتنظيم"القاعدة"مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء الاربعاء الماضي. وذكرت الوزارة أنها رفعت الحظر للسماح للناس بالعودة لأعمالهم. لكن حظر التجول خلال الليل لا يزال سارياً في أنحاء العراق. وقال اللواء عبد العزيز محمد، مدير العمليات في وزارة الدفاع في مؤتمر صحافي أمس ان"فرض الحظر خلال النهار كان قراراً شجاعاً، ورفع هذا الحظر كان قراراً أكثر شجاعة"مضيفا أن"قوات الامن مارست ضبط النفس لتجنب اذكاء المشاعر". وأعلن اللواء عبد العزيز ان قوات مدرعة نشرت في بعض مناطق بغداد لحماية سكان العاصمة من اي اعتداء. وأضاف"صدر امر مساء أول امس بناء على اقتراح من وزير الدفاع سعدون الدليمي وموافقة رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري بانتشار قوات مدرعة في كل مناطق بغداد ما عدا أحياء ابو دشير والدورة والبياع والعامل وبلاط الشهداء وسلمان باك جنوببغداد لأن أمن هذه المناطق تابع لوزارة الداخلية". واوضح ان"الهدف من اتخاذ هذا القرار ليس إرعاب المواطنين وانما حمايتهم وكي يثق المواطن بجيشه"مشيرا الى ان"تلك القوات سترفع العلم العراقي كرمز للوحدة الوطنية". وكان وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي اعلن السبت انه مستعد لإنزال آليات مصفحة الى الشوارع اذا اقتضى الامر. من جهته أعلن وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات اللواء حسين كمال ل"الحياة"ان"كل المؤشرات الأمنية تؤكد ان الأوضاع تتجه نحو الاستقرار ما يدلل على نجاح الجهود بالتنسيق مع وزارة الدفاع والقوات المتعددة الجنسية للسيطرة على الوضع الامني وملاحقة الجماعات المسلحة". وأضاف ان"التحقيقات المتعلقة بتفجير مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء الاسبوع الماضي ما زالت مستمرة، وان ملابسات كثيرة تشوب التحقيق ما يزيد من صعوبة كشف هوية الجهة المنفذة للحادث". الى ذلك، ذكر قائد القوات العراقية الخاصة اللواء عدنان ثابت ان وزارة الداخلية ستطبق خطة أمنية بديلة ترتكز الى"استراتيجية عزل المناطق ونشر الجيش"في حال تفجر الوضع الأمني من جديد، وهي خطة تستند الى تقسيم بغداد الى قطاعات صغيرة. في غضون ذلك، قالت الشرطة ان اربعة اشخاص قتلوا وجرح 15 آخرون بانفجار قذيفتين،مساء امس، قرب مسجد سني شرق بغداد ذات الغالبية الشيعية. وافاد مصدر في وزارة الداخلية العراقية فضل عدم ذكر اسمه ان"اربعة مدنيين عراقيين قتلوا واصيب 14 آخرون اثر سقوط ثلاث قذائف هاون بالقرب من محطة لبيع الغاز والنفط الابيض شمال بغداد". واضاف ان"الحادث وقع صباحاً في منطقة الشعلة شمال عندما كان بعض المواطنين ينتظرون في طابور للحصول على الغاز والنفط الابيض الذي يستخدم في الطبخ". وكان الجيش الأميركي أعلن في بيان أمس مقتل أحد جنوده بإطلاق نار في بغداد، ما يرفع الى ثلاثة عدد الجنود الاميركيين الذي قتلوا الأحد. من جهة أخرى، اعلن التلفزيون العراقي الرسمي"العراقية"أمس ان الشرطة العراقية اعتقلت سورياً هو احد معاوني زعيم"القاعدة"في العراق ابو مصعب الزرقاوي، في الرمادي في محافظة الانبار، على بعد 110 كلم غرب بغداد. وافاد ان السوري الملقب ب"ابو فاروق"اعتقل مع خمسة مشتبهين آخرين على يد"لواء الذئب"وهي احدى وحدات القوات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية. ولم يعط اي تفاصيل عن تاريخ اعتقاله وظروفه. الى ذلك، كشف اللواء مهدي صبيح الغراوي، قائد قوات حفظ النظام العراقية اعتقال بعض عناصر وزارة الداخلية العاملين ضمن أفواج حماية المنشآت النفطية في سجن ابو غريب للاشتباه بتشكيلهم ما يعرف ب"فرق الموت"المتهمة بعمليات قتل وتعذيب واعتقال المدنيين من الطائفتين الشيعية والسنية. وأوضح ان مجموعة كبيرة من عناصر الفوج المذكور اعترفت بتنفيذ عمليات قتل وتعذيب واعتقال كثيرة بحق مدنيين من الطائفتين، مشيراً الى ان"ساحة عمل هؤلاء كانت تشمل مناطق جنوببغداد"ولفت الى ان آمر المجموعة الذي كان يتولى اصدار الاوامر اليهم هرب قبل الوصول اليه، وهو ضابط برتبة عميد ركن ويدعى خميس. وأضاف ان المتهمين تدربوا على عمليات قتل وتفجير داخل الفوج، وكانوا يستخدمون تجهيزاتهم من سيارات واسلحة في تنفيذ عمليات الاغتيال والتفجير والاعتقال. ولمح الغراوي الى ارتباط هؤلاء بشخصيات سياسية معروفة اشرفت على تشكيل هذه الافواج وتأمين تجهيزاتهم بعدما نجحت هذه الشخصيات بالحصول على عقود تشكيل وتجهيز الافواج المذكورة. ولفت الى ان"الفوج السادس عشر ضم في تشكيلته عناصر من جماعتي"انصار السنة"و"التوحيد والجهاد"وانه يرتبط بوزارة الداخلية ادارياً، الا انه يعمل لصالح وزارة النفط حيث يتولى حماية المؤسسات النفطية". على صعيد آخر، اعلنت الحكومة العراقية في بيان الاثنين الافراج عن ستة وتسعين معتقلا عراقيا من السجون العراقية خلال الايام الماضية. وأضاف البيان ان"المجلس المشترك لإعادة النظر في قضايا المعتقلين اصدر قرارا بالافراج عن 96 معتقلا خلال الايام الماضية". ولم يوضح ما اذا كان هؤلاء المعتقلون محتجزين في سجن اميركي. ويتألف المجلس المشترك من لجنة رباعية تضم ممثلين عن ثلاث وزارات عراقية هي الداخلية والعدل وحقوق الانسان وممثلين عن القوات المتعددة الجنسية. واوضح البيان ان"اللجنة درست حتى الآن ملفات اكثر من 28500 معتقل وأوصت بالافراج عن 14900 معتقل حتى الآن".