حاولت"حركة المقاومة الاسلامية"حماس لملمة أوراق بعثرتها تصريحات منسوبة الى رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة الفلسطينية المقبلة القيادي في"حماس"اسماعيل هنية، واخرى الى الرئيس محمود عباس ابو مازن. وفيما تولّت الحركة وناطقون باسمها مهمة"ترقيع"تصريح هنية لصحيفة"واشنطن بوست"التي نقلت عنه استعداده للاعتراف بالدولة العبرية، سعى هنية الى طمأنة عباس الذي اشعل ضوءاً أحمر امام"حماس"واسرائيل والمجتمع الدولي وفي القلب منه الولاياتالمتحدة، عندما لوّح بورقة الاستقالة من منصبه في حال عجز عن اداء مهماته بالطريقة التي يقتنع هو شخصيا بها. وذهب هنية الى التأكيد بأن"حماس"تسعى الى انجاح مهمة عباس كي يبقى في منصبه. واعتبر في اعقاب لقاء عقده في مدينة غزة امس مع رئيس اللجنة السياسية في المجلس الوطني الفلسطيني عبدالله الحوراني ان"الرئيس ابو مازن يحظى في موقعه باحترام الشعب الفلسطيني، وحماس تسعى جاهدة لانجاحه في مهمته وبقائه في منصبه. وزاد ان"الايام السابقة رسمت معالم العلاقة بين مؤسستي الحكومة والرئاسة، وهذه العلاقة ارتكزت الى الاحترام المتبادل والتعاون والحوار". وكرر موقفه القائل إن"التباينات السياسية بين الاطراف تعالج على اساس الثقة والتعاون الوثيق مع الرئيس". وتبدو"حماس"منذ فوزها الكاسح بالانتخابات التشريعية اكثر حرصا على نسج علاقة متينة تعززها ثقة نشأت على مدار الاعوام الثلاثة الماضية، في اعقاب تولي عباس منصب رئيس الحكومة العام 2003 عندما شرع في محاورة الحركة واطلاعها والفصائل الاخرى على كل تحركاته ورؤاه وافكاره بصدق ووضوح لافت أثار اعجاب الجميع. وفي محاولة لاظهار ان مؤسستي رئاسة الحكومة والرئاسة ليستا مؤسستين متناقضتين، قال هنية مخاطبا عباس:"نحن معا نواجه التحديات والصعاب". وكان هنية التقى الحوراني في اطار المشاورات التي يجريها لتشكيل الحكومة العتيدة في غضون ثلاثة اسابيع منذ التكليف الرسمي الثلثاء الماضي. وبموجب القانون الاساسي الدستور الموقت، فان امام هنية اسبوعين آخرين اذا فشل خلال الاسابيع الثلاثة الاولى في تأليف الحكومة. وسبق اللقاء مع الحوراني لقاء مع الرئيس السابق للوفد الفلسطيني المفاوض الدكتور حيدر عبدالشافي حيث استمع هنية الى"نصائح مهمة"منه. هنية ينفي ونفى هنية التصريحات التي نسبتها اليه صحيفة"واشنطن بوست"الاميركية التي نقلت عنه قوله ان"حماس"يمكن ان تعترف بالدولة العبرية، وقال مكررا موقف الحركة منذ ايام مؤسسها الشيخ احمد ياسين بأنها لن تعترف ابداً باسرائيل لكنها قد توافق على هدنة طويلة مشروطة:"في الوقت الذي ينسحب فيه الاحتلال الاسرائيلي من الاراضي المحتلة العام 1967، بما فيها القدس واطلاق الاسرى وتثبيت حق العودة يمكن لحماس اعطاء هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال". بدوره، اعتبر الناطق الرسمي باسم نواب"حماس"في قطاع غزة الدكتور صلاح البردويل ان ما نشرته"واشنطن بوست"غير دقيق. وسعى الى اظهار عدم الدقة في التصريحات التي اثارت ضجة مفتعلة، اذ ان زعيم"حماس"ومؤسسها الشهيد احمد ياسين قال قبل سنوات ان الحركة تقبل اقامة دولة فلسطينية في الاراضي المحتلة العام 1967، بما فيها القدس وعودة اللاجئين في مقابل هدنة طويلة قد تمتد الى عشر سنوات، فيما قال هنية نفسه قبل نحو اسبوعين ان"حماس"مستعدة لهدنة قد تمتد الى 15 سنة. وقال البردويل انه بعد مراجعة الصحيفة، تبين ان"هنية قال بالحرف الواحد: اذا انسحبت اسرائيل من اراضي العام 1967 واعادت اللاجئين واطلقت الاسرى في سجونها، فان لكل حادث حديث". واضاف البردويل ان"الصحيفة اعادت السؤال نفسه مرة أخرى، فأجاب هنية: اذا فعلت اسرائيل ذلك طبقت الشروط سالفة الذكر فاننا نؤيد اقامة سلام مرحلي". وزاد البردويل ان"الصحيفة سألت مرة أخرى ما هي طبيعة السلام المرحلي، فأجاب هنية بأن الشيخ ياسين اعلن عن طبيعته سابقاً وهي الهدنة". ولفت البردويل الى ان"التسجيل الكامل للمقابلة موجود لدى الحركة، ولا يحتوي أياً من التصريحات التي نشرتها الصحيفة". وجدد البردويل موقف"حماس"الرافض الاعتراف باسرائيل وعدم التفريط بالثوابت الوطنية الفلسطينية. وكانت صحيفة"واشنطن بوست"نقلت عن هنية قوله في مقابلة اجريت عبر الهاتف ان"حماس لا تريد القاء الاسرائيليين في البحر"بل تسعى الى"سلام على مراحل"اذا انسحبت اسرائيل من الاراضي التي احتلتها عام 1967. واضاف:"اولا سنقيم وضعا مستقرا وهادئا سيجلب الامن لشعبنا، وهذا ما سماه الشيخ ياسين هدنة طويلة الامد". وقال:"اذا اعلنت اسرائيل انها ستعطي الشعب الفلسطيني دولة وتعيد اليه كل حقوقه فاننا سنكون مستعدين حينئذ للاعتراف بهم"، من دون ان يحدد الشكل الذي سيأخذه هذا الاعتراف. ونقلت عنه قوله ان الحركة مستعدة لبحث اجراء محادثات مع اسرائيل اذا انسحبت الدولة اليهودية من الضفة والقدسالشرقية واعترفت"بحق العودة"للاجئين الفلسطينيين الذين فروا في حرب عام 1948 ولأحفادهم. ورداً على سؤال ان كانت عبارة"سلام على مراحل"تعني"القضاء في نهاية الامر على الشعب اليهودي"، قال هنية:"ليست لدينا مشاعر حقد حيال اليهود". واضاف:"لا نرغب في القائهم في البحر. كل ما نريده هو ان يعيدوا ارضنا لا ان نؤذي احدا او احدا يؤذينا". وتابع ان الحركة ستحترم الاتفاقات التي"تضمن اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس في حدود 1967 واتفاقات تحرير الاسرى ... نحن لا نسعى الى الحرب ولا نستعد للحرب ... لا نحب الدم ولسنا مهتمين بدوامة عنف ... نحن شعب اغتصبت حقوقه. اذا اعاد لنا السلام حقوقنا فهذا سيكون امراً جيداً".