من عمل نفسه "سبوس" لعبت به الدجاج!؟ السبوس: هو أكل يشبه الفتات تحبه الدجاج وتلعب به بأرجلها. أبدأ بهذا المثل كي أدخل في موضوع دقيق وحساس وأتطرق له من زاوية خاصة. كلنا نتلقى مشاهد البلوتوث الفاضحة عبر هواتفنا الجوالة... وكلنا نتصفحها عبر مواقع الإنترنت... وكلنا ليس كلنا يستنكر تلك الفخاخ التي توفرها الكاميرا التي تتصيد أرق المخلوقات وأشهرها وهم الفنانون والفنانات الذين نتصفح وجوههم كل ليلة عبر الفضائيات ونراهم عبر الصادر والوارد التقني وهم في حالات مزرية وبل ونرى الافتراء والكذب الذي يتعرض له الفنانون من عديمي الأخلاق والذمم! نعم كلنا ندين ذلك ونستمرئه خصوصاً عندما تصل إلى مرحلة فضح الأعراض المحصنة للفنانين والفنانات. وأنا هنا أشمل الكل لأن بعض الفنانات لا يحتجن إلى فضح أو"بلوتوث"لينقل للناس خفاياهم بل هن يقدمن فضائحهن إلى الفضائيات ولا يحتجن إلى كاميرات الخلوي. لكنني هنا وهذا هم الأهم أطرح سؤالاً راودني عندما فكرت في كتابة هذا الموضوع وهو لماذا لا نجد تلك"المصائد البلوتوثية"و"الفضائح الجوالية"لفنانة محترمة مثل فيروز أو فنانة مثل ماجدة الرومي أو نجمة مثل نجاة الصغيرة أو مطربة مثل جوليا بطرس أو نجم مثل مارسيل خليفة. لماذا تظهر الفضائح لشريحة معينة من الفنانات والفنانين وليست الكل؟ الإجابة بكل وضوح أن هؤلاء وأمثالهم من الفنانين الملتزمين حشموا أنفسهم وعفوا وتعففوا عن النطنطة والشحططة من سهرة الى سهرة ومن مربع إلى مربع ومن جلسة إلى جلسة ومن طاولة إلى طاولة لذا لم يعانوا من"المرمطة"في جوالات الآخرين! والإجابة بصدقية أكثر أن هؤلاء الفنانين لم يسمحوا لأنفسهم وبالتالي لغيرهم أن يتعدوا حدود اللياقة والأدب والاحترام. فوضعوا حاجزاً أخلاقياً قبل أن يكون إنسانياً بينهم وبين الجماهير. فكانوا سفراء لأنفسهم وفنهم وأخلاقياتهم وكانوا نماذج يحتذى في احترام الفن والجمهور. لم يتلاعبوا بسمعتهم أو يمرغوا أسماءهم في وحل الاستهلاك والعادية والتواجد اليومي الفج. ربما يكون النموذج عملاقاً كفيروز، نادراً جداً في التعاطي مع الإعلام ومع الحياة أصلاً. لكن مثلها وغيرها لم نر لهم أي مصيدة أو مشهداً فاضحاً أو كلاماً وقحاً في غفلة من الوعي عبر مجلة أو جوال أو موقع إلكتروني. فيروز نموذج لا يمكن أن يتورط أو يورط اسمه وفنه في أي مقطع صوتي أو مرئي لأنها كبرت على ذلك ولأنها أمنت أن حضورها ليس في حفلة خفيفة أو عشاء تافه. ولم ترقص على طاولة في ناد أو فضائية بل توغلت إلى سويداء القلب بفنها وحسها ورقيّها. حتى وان اقتحمت هواتفنا، فقد ترسخت في الذاكرة أولاً وفي جوالاتنا ثانياً لكن وهي تصدح بأغنية"حبيتك تنسيت النوم"أو"سلم لي عليه"ولم تترسخ في رسالة سخيفة. وهناك الكثيرون مثل فيروز سكنوا جوالاتنا كنغمة جميلة نميز أحبابنا فيها ونتبادلها عبر ال"بلوثوت"بين أصدقائنا ولم تقتحم جوالاتنا عبر مشهد مخزٍ. أخيراً أعود لأذكّر بالمثل الشعبي الذي بدأته لعله أصبح واضحاً ومؤدياً للرسالة وعلى الوارد أن يستقبل ما جاء في الصادر. فمن عمل نفسه سبوس لعبت به الدجاج... أرسل... استقبل... افتح الوارد!