هل يمكن أي فضائية ان تنتقد ما تقدمه؟ يبدو السؤال إشكالياً ويثير تأويلات واسعة وجدلاً كبيراً، لكن تجارب الفضائيات العربية على الأقل، لا تشير الى تجارب ناصعة في هذا المضمار، فضلاً عن انها على ندرتها، تأتي من باب إقناع المشاهد بحجم الجرأة المتاحة وپ"سعة صدر"القائمين على المحطة لتقبل النقد الهادف والبناء. برنامج"اف ام تي في"على القضائية السورية يتناول آليات العمل في التلفزيون والإذاعة معاً، ليس باعتبارهما وسيلتي إعلام مهمتين فقط، بل لارتباط الإذاعة والتلفزيون في سورية بهيئة واحدة تدير اعمالهما، وبالتالي تتناول ما يقدم في الإذاعة والتلفزيون معاً. ويتضح من استعراض بعض حلقات البرنامج انه يقدم مادة مختلفة عما اعتاد عليه متابعو الفضائية السورية شكلاً ومضموماً، خصوصاً في ما يتعلق بنوعية الأسئلة المطروحة وتبديل القالب النمطي للمذيع كما في معظم البرامج في الفضائية"السورية"، الى خوض حوار او نقاش مع الضيف او المتصلين هاتفياً، مع اضافة تعليقات طريفة وذكية على الرسائل الإلكترونية الواردة الى البرنامج. ولكن الى أي مدى يمكن ان تكون مادة البرنامج جريئة وساخرة؟ يبدو السؤال صعباً طالما ان البرنامج مقدم على الفضائية ذاتها التي تناقش برامجها، مما يقود الى حدود مسموح بتناولها وأخرى ممنوعة، وهي اعلى من سقف أي برنامج خصوصاً على"السورية"! في إحدى الحلقات طرح المذيع امجد طعمة موضوع"النشرة الجوية"على التلفزيون وفي اخرى استضاف الفنانين عصام عب جي ووفاء موصلي بطلي سلسلة"يوميات عائلية"الإذاعية الشهيرة في سورية. وعلى رغم اهمية الحوار المطروح في الحلقتين وتميزهما بالجرأة نسبياً، لا يكفي القول اننا نبحث عن السلبيات في عمل"السورية". والمعروف ان الأداء التلفزيوني في الفضائية والقناتين الأرضيتين يتطلب نقاشاً اوسع وأعمق يتجاوز بالتأكيد موضوع الطقس، ولماذا لا يرتدي المقدم"الجينز الأزرق"، وهل يقول مساء الخير او السلام عليكم كما جاء في حلقة سابقة، ليصل الى قضايا عميقة جداً وپ"دسمة"تتصل بالكوادر العاملة في التلفزيون. وهذه كيف يتم اختيارها؟ وما هو تأهيلها العلمي؟ وكيف تتوزع البرامج؟ وما هي آلية إقرارها؟ وما هو حجم المسموح والممنوع في كل برنامج؟ تلك عينة من الأسئلة التي تختصر شكوى المشاهد مما يتابع على شاشته الرسمية من برامج تتناول قضايا طالما طرحها العاملون في الإعلام الرسمي وفي مؤتمرات الصحافيين السوريين. وفي الواقع قد تكون عناوين اعلى من سقف البرنامج، لكنها بالتأكيد اكثر إلحاحاً من"النشرة الجوية"وانتقاد برنامج إذاعي نقل فيه المذيع بجرأة رأي احد المشاهدين انه"ساذج ولا يستطيع متابعة حلقة واحدة"على رغم ان"يوميات عائلية"سيدخل قريباً موسوعة"غينيس"كأطول مسلسل اذاعي في العالم!