اكدت الشرطة النروجية وصول رسائل غرامية الى النروجي اليميني المتشدد اندرش بريفييك على رغم العزلة التي فرضت عليه في السجن، مانعة عنه رسائل المولهات والزيارات بعد المجزرة التي ارتكبها في اوسلو في تموز (يوليو) الماضي. فتيات أغرمن بالرجل، تاركين علامات سوداء في محيطهم، وتساؤلات من قبل أهل ضحاياه النروجيين أيضاً حول وقوع مواطنات في غرام قاتل أبنائهم. فما الاسباب التي تدفع بالفتيات الى عشق مثل هؤلاء الرجال؟ وهل الامر مقتصر فقط على الفتيات؟ ام ان الشباب لهم في القصة حصة؟ يقول الاستشاري في الطب النفسي والتحليلي واستاذ الطب النفسي في جامعة استوكهولم ورئيس مركز الشرق العلاجي والتأهيلي رياض البلداوي: «ان علم النفس يطلق على هذه الظاهرة اسم «الرفض»، ويمر بها كلا الجنسين في مرحلة شبابهم المبكرة وحتى سن ال 21 تقريباً، اذ يحاول الكثير من الشباب في هذه المرحلة الخروج عن المألوف ورفض الاعراف السائدة في مجتمعاتهم اياً كانت، هادفين من وراء ذلك الى الحصول على «الفرادة» التي ستميزهم عن اقرانهم». وتتابع وسائل الاعلام النروجية، باهتمام اخبار «الرسائل» التي تصل الى المتطرف النروجي بريفييك، المسجون في سجن انفرادي على عنوانه في السجن، وفيها من يحاولن هدايته الى الطريق الصحيح، واكثرها رسائل من نساء لم يستطعن منع اظهار عشقهن له! في الوقت الذي ينتظر نزلاء السجن الذي يقضي بريفييك عقوبته فيه، انهاء حبسه الانفرادي، للانتقام منه بسبب دموية العمل الذي قام به. ويصف البلداوي هذه الظاهرة ب «الطبيعية»، معتبراً اياها احد مراحل النمو التي يمر بها المراهق وهي جزء من عملية «الرفض» والميل نحو المغاير، وأهم مرحلة في تكوين شخصية المراهق، مشدداً على ضرورة التعامل معها بالكثير من الحكمة والصبر، وتجنب اللجوء الى تأنيب الفتاة او الشاب بل اعتماد اسلوب «الحوار» لايصال المعلومة الصحيحة اليهم، ويقول في هذا الشأن ان «عملية رفض الواقع في اطار المتابعة، ضرورية لأجل الذات ولأجل التطور». وعلى رغم ان بريفييك ليس بإمكانه الاطلاع على تلك الرسائل، بسبب صرامة القوانين المفروضة عليه، غير ان الشرطة النروجية تؤكد ان العديد من رسائل الغرام تصله من نساء من مختلف انحاء العالم، يظهرن فيها اعجابهن بشخصيته وقوته وجاذبيته! وتنقل الصحافة النروجية عن الاخصائية النفسية اليزابيث كوارنماك العاملة في مجال متابعة العديد من المجرمين لما يزيد على ال 40 عاماً، «عدم دهشتها من الظاهرة»، واصفة بريفييك ب «البطل من النوع السلبي» الذي يثير اعجاب نساء يفتقدن الى الثقة بالنفس والى الشعور بالامان، لذلك ينجذبن الى رجال ارتكبوا جرائم عنف. وعلى رغم العنف الذي اتسمت به سياسة زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن، الا ان صورته لدى الكثير من الفتيات العربيات والغربيات كانت، مشرقة، فالكثيرات منهن كن ينظرن اليه على انه رجل قرار، يحقق اهدافه مهما كانت الوسيلة! افكار ربما يرى البعض ان اصحابها في حاجة لتدخل الطب النفسي غير ان البلداوي يخفف من ذلك، قائلاً إنها «ظاهرة تدخل ضمن تطوير الشخصية في مرحلة المراهقة». تقول امينة عبدو (20 سنة)، والقادمة من الصومال ل «الحياة» انها كانت من المعجبات باسامة بن لادن لانها كانت تجد فيه الشجاعة والاقدام. وعلى رغم التذمر الذي ولده رأي عبدو لدى زملائها في الصف غير انها استمرت، قائلة: «هذا ما اعتقده واتمنى ان احصل على رجل بقوته». وتحاول مادلين حمادة (18 سنة)، من بيروت، تقليد مغني البوب العالمي مايكل جاكسون بملابسه وحركاته وهي تغني اغانيه، مفسرة ولعها به بكونه «شخصية غنائية فريدة من نوعها، تأسر القلب وتدخل البهجة اليه». يؤكد البلداوي ان عصابات الجريمة المنظمة مثل عصابات بيع المخدرات او حتى الجهات التي تستقطب الشباب لأعمال اجرامية، تستغل نقطة «الرفض» الحساسة لدى الشباب الصغار، لذا يشدد على ضرورة تقديم المزيد من الجهود حول ذلك في مجتمعاتنا العربية التي لها تجارب متواضعة في هذا المجال، مؤكداً اهمية «التسامح» وتقبل المراهق بشكل اكبر في هذه المرحلة. ويوضح ان عدم متابعة مثل هذه الميول «الطبيعية» لدى المراهق وتبادل الحوار الهادئ معه قد يؤدي الى استفحالها وتحولها الى اعمال خطرة «اجرامية» من شأنها الاساءة للشخص ولمجتمعه.