بغداد الشعر والصور ذهب الزمان وضوعة العطر، كلمات جميلة وصفت بها بغداد في الشعر والغناء، وبالحناجر التي تغنت لأهل بغداد وجمالها وحياتها وتاريخها. هذه العبارة الشعرية تجملت بها جدارية تشكيلية في ساحة الخلاني في بغداد أمام بناية أمانة العاصمة التي تبدو انها بعيدة كل البعد عن الحياة اليومية للبغداديين الذين يعانون من غياب الخدمات البلدية وفقدان مقومات البنية التحتية وغياب النظافة، وكأن مقومات الحياة الاساسية مقطوعة عن هذه المدينة التي تباهت بها الدنيا من قبل، وتباهى بها العرب يوم كان صدام حسين ينثر عليهم حزم الدولارات والاموال المنهوبة من الشعب المقهور، الذي كان مغلوباً على أمره فكان البؤس والحياة التعيسة من نصيبه. بغداد هذه العاصمة التي عايشت العهد الجديد في العراق، مصابة، مريضة تعاني من واقع مؤلم تتحسر لها الصدور، وتتألم لها القلوب البريئة التي التصقت حبها وفكرها وكلماتها ببغداد ودجلتها ورصافتها وكرخها وحضرتها الموسوية الكاظمية وحضرتها الكيلانية، وبعالم ابو نؤاسها وشارع رشيدها وساحة خيلانها، وبحياة كل حي وشارع وزقاق فاحت منه ضوعة العطر ولمعة ذهب الزمان. بغداد التي شهدت سقوط الصنم والتي دشنت عهد انتخابين واستفتاء دستوري في سنة واحدة، تعاني اليوم من حرقة الألم من زحمة العلل وكثرة الخلل في الحي والشارع والسوق والبيت والمدرسة والدائرة، لا راعي لها ولا مهتم لها، ناسها في حرقة الحياة واقعة، وصوتها في غربة الدنيا هامسة وصورتها عن خيال العصر غائبة. أجل هذا الواقع الأليم حال بغداد، أجل بغداد، واحسرتاه على بغداد، واحسرتاه على مدينة الشعراء، واحسرتاه على بغداد، واحسرتاه، ولكن مع هذه الحسرة المؤلمة الحارقة، فإن النخوة المغروسة والمودة الكامنة في قلوب العراقيين والكردستانيين، والمشهودتان لهما تخلقان أملاً زاهياً من الواقع الأليم الذي تعيشه بغداد، أمل قادر على صنع واقع مطرّز بحياة جديدة مؤطرة بالجمال والصور والشعر، واقع مطرّز بذهب الزمان وضوعة العطر الجديد. لهذا ولأن بغداد تستحق هذا الغناء وهذا الامل الجميل، لأجل بغداد ولأجل العراق ولأجل كردستان، اليوم انطق بكل جوارحي، وأنادي بكل كلماتي، واجلالاه، وامسعوداه، واحكيماه، واجعفراه، و ا إياداه، أعيدوا لبغداد شعرها وصورها وذهب زمانها وضوعة عطرها بالمهم من الاصوات العراقية والكردستانية التي منحتكم ثقتها لتبنوا العراق من جديد، وتحققوا لكردستان الازدهار لرفعة العراق. أجل ابنوا لبغداد واقعاً جديداً ينعم به أهلها بالخير والآمان والحياة الكريمة، بغداد التي نثرت عليها في عهد ما بعد سقوط الصنم ثورة بنفسجية منطلقة من قلوب معطرة بالحب والمودة، لينطلق منها فجر زاهر لحاضر ومستقبل العراق الجديد. د. جرجيس كوليزادة اربيل - العراق - بريد الكتروني