منذ مدة وهي تعاني صعوبة في التنفس. في البداية كانت الصعوبة تظهر بعد القيام بالجهد، ثم بدأت تظهر في أوقات الراحة. ظنت أن عطشها إلى الهواء ناتج عن تقدمها في السن! وفي إحدى المرات أصيبت بأزمة تنفسية حادة نتيجة التهاب قوي في الرئتين فاضطرت أن تدخل مركز العناية المشددة في المستشفى حيث أجريت لها التحاليل خصوصاً فحص مستوى الغازات في الدم الشرياني ، فتبين وجود نقص شديد في أوكسيجين الدم بسبب الأزمة الإلتهابية الحادة ، وكان التشخيص هو الفشل التنفسي. والفشل التنفسي حالة مرضية تحصل إثر خلل طارئ في وظيفة الجهاز التنفسي الأمر الذي ينتج عنه تدهور في مستوى غاز الأوكسيجين الشرياني من دون حد معين، وارتفاع ملحوظ في نسبة تركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون في الدم. والفشل التنفسي نوعان: الحاد الذي يتميز بحدوث انخفاض شديد في مستوى غاز الأوكسيجين في الدم منذ فترة قصيرة، وقد يكون مآل هذا النوع سيئاً للغاية في حال عدم علاجه بتطبيق التنفس الإصطناعي. أما إذا لم يتم علاج الفشل الحاد فإنه يتحول إلى النوع الثاني وهو الفشل التنفسي المزمن الذي يدوم من أشهر إلى سنوات. ولسبب ما قد يترافق الفشل التنفسي مع تدهور واضح في الوضع الصحي. ما هي أسباب الفشل التنفسي؟ المعروف أن للرئة وظيفة مهمة جداً هي نقل الهواء الجوي إلى مجرى الدم والتخلص من غاز ثاني أوكسيد الكربون من المجرى الدموي إلى الجو الخارجي، ويتم هذا التبادل الغازي عبر خلايا متخصصة تبطن غشاء الحويصلات الرئوية. هناك أسباب كثيرة يمكن أن تثير الفشل التنفسي من بينها: - خلل في الحويصلات الهوائية خصوصاً في الغشاء الذي يفصل ما بين جدران هذه الحويصلات والشعيرات الدموية حيث تتم التبادلات الغازية، فتكون النتيجة عدم إمكانية إنسياب ما يكفي من غاز الأوكسيجين إلى الدم، وتراجع في القدرة على طرد الفائض من غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى خارج الجسم. - العدوى الميكروبية الحادة الفيروسية والجرثومية للرئتين، وتسبب هذه العدوى التهابا حاداً في الحويصلات الرئوية التي تمتلئ بسوائل صديدية تحول دون عبور الأوكسيجين من الحويصلات إلى مجرى الدم. - متلازمة الانسداد الرئوي المزمن التي تعتبر من أهم الأسباب المؤدية الى الفشل التنفسي ، ويجدر التذكير هنا بأن التدخين هو من أهم أسباب هذه المتلازمة، وكلما طالت مدة التدخين زاد خطر التعرض لها. - التهابات الطرق التنفسية المزمنة. - سرطان الرئة. - انتفاخ الرئة. - توسع القصبات. - داء الربو. - استنشاق الدخان والغازات والمركبات السامة. - إصابات الرئتين والحجاب الحاجز. - رضوض الدماغ والعمود الفقري. - الجلطة الدهنية المتحركة إثر التعرض للكسور. - الجلطة الدموية المسافرة إثر الإصابة بأمراض قلبية وعائية. - بعض أمراض الجهاز العصبي مثل الوهن العضلي الوخيم، وشلل الأطفال، ومتلازمة غيلان باريه. - العمليات الجراحية التي تجرى على الصدر. - استنشاق المفرزات الهضمية بعيد فقدان الوعي. - الإفراط في تناول بعض الأدوية والمخدرات. - الغرق. - كثرة استنشاق الغبار والأتربة. كيف يتظاهر الفشل التنفسي؟ في البداية، ومع ظهور الخلل في تبادل الغازات، يعاني المريض من عدد من العوارض والعلامات الآتية: 1- الضجر (عدم الشعور بالراحة). 2- الشعور بالتعب المزمن. 3-الصداع. 4-صعوبة في التنفس. 5- تسرع في ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم. ومع تصاعد الخلل في التبادلات الغازية يشكو المصاب من عوارض وعلامات أخرى مثل الزيادة المضطردة في حركات التنفس، وازرقاق الجلد والوجه والشفتين، والتعرق، والإغماء. كيف يتم تشخيص الفشل التنفسي؟ يتم التشخيص بناء على المعطيات التي يجمعها الطبيب من القصة المرضية، والفحص السريري، والتحاليل الطبية، خصوصاً معدل غازات الدم، إضافة إلى الأشعة السينية، والأشعة المقطعية، وفحوص أخرى. ما هو العلاج؟ إن الهدف من العلاج هو إزالة السبب، وتحسين التبادلات الغازية، وتصحيح حالة الحموضة في الدم، ومراقبة المريض عن كثب للحيلولة دون حدوث المضاعفات. ومن الضروري تزويد المريض بكمية كافية من الأوكسيجين بوضعه تحت جهاز التنفس الاصطناعي مع أهمية رصد مستوى الغازات في الدم خصوصاً الأوكسيجين. قد يعطى للمصاب الموسعات القصبية، وقد يوصف له الكورتيزون للتخفيف من حدة الإلتهابات والتحسس، وفي حال الوذمة الرئوية (تراكم السوائل في الرئتين) يتم إعطاء المدرات البولية. في المختصر، الفشل التنفسي مرض يمنع الرئة من تأمين ما يكفي من الأوكسيجين لخلايا الجسم خصوصاً للمخ الذي هو في أمس الحاجة إليه، إضافة إلى زيادة في انحباس غاز ثاني أوكسيد الكربون، وقد يوصل المرض صاحبه إلى العالم الآخر مختنقاً بفشل الوظيفة الرئوية. [email protected]