أستعير عنوان مقالة افتتح بها رئيس تحرير الجريدة الأستاذ غسان شربل عدد"الحياة"غداة اغتيال جبران تويني حين قال:"الليل يغتال النهار"، غير انني اقول ان الليل لا يمكن له ان يغتال النهار، لأن الله سبحانه وتعالى محا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة، فقال في محكم التنزيل:"وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم"، سورة الإسراء الآية رقم: 12. ولذلك فإن النهار هو الأصل، كي نبتغي فضل ربنا، ونعيش حياتنا، ونسعى في الأرض، بناء وإعماراً. لن يغتال الليل"النهار"إذا كان العمل متعلقاً بالمبادئ لا بالأشخاص، لأن الأشخاص يذهبون إما بالموت او القتل، وأما المبدأ فيبقى متوارثاً عبر الأجيال. لن يغتال الليل"النهار"إذا قمنا جميعاً لنموت على المبادئ التي دعا إليها جبران تويني، المتمثلة في إحقاق الحق، ونصرة الضعيف والمظلوم، وإقامة العدالة. لن يغتال الليل"النهار"ما دام في اللبنانيين كل اللبنانيين الإصرار على التوحد، ومحاربة الإجرام من ذوي القربى او ابناء عمهم. لن يغتال الليل"النهار"اذا نظرنا الى الجانب المشرق من هذه المأساة، وهو كشف الباطل، وظهور الأقنعة التي كان يتوارى خلفها كثيرون من المنافقين، والذين طالما كان الليل مرتعهم، حتى اصبحوا مثل"وطاويط الليل"، لكن هذا الليل هو نفسه الذي سيكون عذابهم، لأنهم سيتسمرون في فرشهم وعلى مقاعدهم منتظرين طلوع النهار، فلربما يأتي لهم بالفرج. لن يغتال الليل"النهار"حين تكون هذه الأحداث سبباً في مزيد من التوحد للبنانيين ورفعهم راية قضيتهم في كل محافل الدنيا، بل العودة الى لبنان لخدمة هذا البلد، الذي يئن ويشتكي من"ظلم ذوي القربى"وما أدراك ما ذوو القربى!؟ لن يغتال الليل"النهار"اذا نهضنا من كبوتنا ونظرنا بتفاؤل لنبحث عن الشيء الذي يمكن فعله في الأيام المقبلة، لمواجهة الشدائد والمحن التي تحيط بنا، وبخاصة ان ثمة من يهدد بزعزعة استقرار المنطقة، لن يغتال الليل"النهار"حين يكون لدى اللبنانيين الإصرار على النهوض بلبنانهم، ليلحق بركب الحضارة، بل ليتابع تفوقه الحضاري، الذي طالما ازعج الكثيرين بخاصة من ذوي القربى. ان ذلك كله هو ابلغ رد على"الليل"الذي يود اعادتنا الى الظلام والظلم، والإعادة إليهما اعادة الى التخلف الذي جثم على صدورنا عقوداً متعاقبة، وحيناً من الدهر لم يكن شيئاً منسياً. وأن تجاوز العواطف الى مزيد من الجد والاجتهاد، متسلحين بالإيمان بالله، ثم بمزيد من العلم والتعلم والتدريب والعمل والسعي لإزالة بقايا تلك الطبقة المهترئة العفنة، التي لا تزال تدافع عن مصالحها باسم الوطنية. محمد السيد - السعودية بريد إلكتروني